حدّثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثني شُرَحْبيل بن أبي عون، عن أبيه: لقد رأيتنا في قتال الحُصين بن نُمير وقد أخرج المِسْورَ سلاحًا حمله من المدينة، فرأيتنا مرّة ونحن نقتتل والمِسْوَر عليه سلاحه ومصعب بن عبد الرحمن يسوقهم سوقًا عنيفًا، وحملوا علينا فكشفونا فقال المسور لمصعب بن عبد الرحمن: يا بن خال ألا ترى ما قد نال هؤلاء منّا؟ قال: فما الرأى يا أبا عبد الرحمن؟ قال: نكمن لهم فإنّى أرجو أن يظفر الله بهم، واخْتَرْ معك ناسًا من أهل الجَلَد. فكمن لهم مصعب في مائة رجل من الخوارج فغدوا فنالوا ما كانوا ينالون فسدّ عليهم مصعب بأصحابه فما أفلت منهم إلّا رجل واحد هرب. وجاء الخبر المسور فسُرّ بذلك.
حدّثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدّثني عبد الله بن جعفر، عن أبي عون قال: إني لجالس مع المسور ما شعرتُ إلّا بابن صَفْوان يقول: يا أبا عبد الرحمن لقد سرّنا ما صنع مصعب بهؤلاء القوم الذين كانوا ينالون منّا ما ينالون، فقال المسور: وهو سرورهم، اللهمّ أبْقِ لنا مصعبًا فإنّه أجْزَأ مَنْ معنا وأنْكاه لعدوّنا. قال المسور: هو هكذا.
حدّثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنا نافع بن ثابت عن يحيَى بن عبّاد عن أبيه قال: لقد رأيتُنى يومًا من أيّام الحُصين بن نمير وقد بعث إلينا كتيبة خشناء فيها عبد الله بن مَسْعَدة الفَزارى فنالوا منّا أقبح القول وأسمجه، فرأيتُ أبي حَنِقًا عليهم وقال: ما للحرب وما لهذا؟ هذا فِعْلُ النساء، فقال لمصعب: أبا زُرارة احمْل بنا، فحمل مصعب كأنّه جمل صئول وحمل أبي وتبعتهم في قوم منّا أهلِ نيّات، فلقد رأيتُ السيوف ركدت ساعة ولكأنّ هامَ الرجال وأذرعهم أجْرى (١) القِثّاءِ حتى خلصنا إلى عبد الله بن مسعدة فضربه مصعب ضربة فقطع السيف الدرع وخلص إلى فخذه، وضربه ابن أبي ذِراع من جانبه الآخر فجرحه جرحًا آخر، فما علمت أنّا رأيناه يخرج إلينا بعد ذلك. وأقام في عسكرهم جريحًا حتى ولّوا منصرفين.