للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان عليّ بن حسين مع أبيه [يوم قتل] وهو ابن ثلاث وعشرين سنة (١). وكان مريضًا نائمًا على فراشه، فلمّا قُتل الحُسين، عليه السلام، قال شَمِر بن ذى الجَوْشَن: اقتلوا هذا. فقال له رجل من أصحابه: سبحان الله! أنَقْتُل فتى حَدَثًا مريضًا لم يقاتل؟ وجاء عمر بن سعد فقال: لا تَعْرِضوا لهؤلاء النسوة ولا لهذا المريض.

قال عليّ بن الحسين: فغيّبنى رجل منهم، وأكرم نُزْلى، واختصّنى، وجعل يبكى كلّما خرج ودخل حتى كنتُ أقول: إن يكن عند أحد من الناس خير ووفاء فعند هذا، إلى أن نادى منادى ابن زياد: ألا من وجد عليّ بن حسين فليأتِ به، فقد جعلنا فيه ثلاثمائة درهم. قال: فدخل والله عليّ وهو يبكى وجعل يربط يدى إلى عنقى وهو يقول: أخافُ. فأخرجنى والله إليهم مَرْبُوطًا حتى دفعنى إليهم وأخذ ثلاثمائة درهم وأنا أنظر إليها، فأُخذتُ وأُدْخِلْتُ على ابن زياد فقال: ما اسمك؟ فقلتُ: عليّ بن حسين، قال: أو لم يقتل الله عليًّا؟ قال: قلت: كان لى أخ يقال له عليّ أكبرُ منى قتله الناس. قال: بل الله قتله، قلت: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [سورة الزمر: ٤٢] فأمر بقتله فصاحت زينب بنت عليّ. يابن زياد حسْبك من دمائنا، أسألك بالله إن قتلته إلا قتلتنى معه. فتركه. فلمّا أُتى يزيد بن معاوية بثقل الحسين ومن بقى من أهله فأدخلوه عليه قام رجل من أهل الشأم فقال: إنّ سِباءهم لنا حلال. فقال عليّ بن حسين: كذبتَ ولؤمتَ ما ذاك لك إلّا أن تخرج من ملّتنا وتأتى بغير ديننا. فأطرق يزيد مليًّا ثمّ قال للشأمى: اجلس. وقال لعليّ بن حسين: إن أحببتَ أن تقيم عندنا فنَصل رحمك ونعرف لك حقّك فعلتَ وإن أحببتَ أن أردّك إلى بلادك وأصِلك. قال: بل تردّنى إلى بلادى. فردّه إلى بلاده ووصله (٢).

قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى عن عيسى بن دينار قال: حدّثنى أبو جعفر في حديث ذكره أنّ عليّ بن الحسين يكنى أبا الحسين، وفى غير هذا الحديث أنّه كان يكنى أبا محمد.


(١) أورده ابن عساكر كما في مختصر ابن منظور ج ١٧ ص ٢٣١ وما بين حاصرتين منه.
(٢) أورده ابن عساكر في تاريخه كما في مختصر ابن منظور ج ١٧ ص ٢٣٢.