يا محمّد ائذن لشاعرنا، فأذِن له، فقام الزِّبرقان بن بدر فأنشد، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، لحسَّان بن ثابت: أَجِبْهُ، فأجابه بمثْل شعره، فقالوا: والله لخَطِيبه أبلغ من خَطِيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولهم أحلم مِنَّا، ونزل فيهم:{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}[سورة الحجرات: ٤]: وقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، في قيس بن عاصم: هذا سَيّدُ أهْلِ الوَبَرِ، وردّ عليهم رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، الأسْرَى والسَّبىَ، وأمر لهم بالجوائز كما كان يُجيز الوفد.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني ربيعة بن عثمان عن شيخ أخبره أن امرأة من بني النّجّار قالت: أنا أنظر إلى الوفد يومئذ يأخذون جوائزهم عند بلال اثنتي عشرة أوقية ونشًّا، قالت: وقد رأيتُ غلامًا أعطاه يومئذ وهو أصغرهم خَمس أواق، يعني عمرو بن الأهتم.
قال: أخبرنا هشام بن محمّد قال: حدّثني رجل من عبد القيس قال: حدّثني محمّد بن جناح أخو بني كعب بن عمرو بن تميم قال: وفد سفيان بن العذيل بن الحارث بن مَصاد بن مازن بن ذؤيب بن كعب بن عَمرو بن تَميم على النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، فأسْلَم، فقال له ابنه قيس: يا أبتِ دعني آتي النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، معك، قال: سنعود.
قال: فحدّثني محمّد بن جناح عن عاصم الأحول قال: قال غنيم بن قيس بن سفيان: أشرف علينا راكب فَنَعَى لنا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ورحمته وبركاته، فنهضنا من الأحوية فقلنا: بأبينا وأُمّنا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -! وقلت:
ألا ليَ الويل على محمّدِ … قد كنت في حياته بمَقْعَدِ
وفي أمانٍ من عدوٍّ معتدي
قال: ومات قيس بن سفيان بن العذيل زمن أبي بكر الصّدّيق مع العلاء بن الحضرمي بالبحرين، فقال الشاعر:
فإن يكُ قيسٌ قد مضى لسبيله … فقد طافَ قيسٌ بالرّسول وسلّما