ما لِلمُسْلِمينَ وعَلَيْكَ ما عَلى المُسْلِمينَ، قال: أتجعل لي الأمر من بعدك؟ قال: لَيْسَ ذاكَ لَكَ وَلا لِقَوْمِكَ، قال: أفتجعلُ لي الوبر ولك المدر؟ قال: لا وَلَكِني أجْعَلُ لَكَ أَعِنّةَ الخَيْلِ فَإنّكَ امْرُؤٌ فَارِسٌ، قال: أوَلَيست لي؟ لأملأنّها عليك خيلًا ورجالًا! ثمّ ولّيَا، فقال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: اللّهمّ اكفِنيهما، اللّهُمّ وَاهْدِ بَني عامِرٍ وَأغْنِ الإسْلامَ عنْ عامِرٍ، يعني ابن الطفيل، فسلط الله، تبارك وتعالى، على عامر داءً في رقبته فاندَلَع لسانه في حنجرته كضرع الشاة فمال إلى بيت امرأة من بني سلول وقال: غدّة كغدّة البكر وموتٌ في بيت سلوليّه، وأرسل الله على أربد صاعقة فقتلته، فبكاه لبيد بن ربيعة، وكان في ذلك الوفد عبد الله الشّخّير أبو مُطَرف فقال: يا رسول الله أنت سيدنا وذو الطّول علينا، فقال: السّيّدُ الله لا يَسْتَهْوِيَنّكُمُ الشّيطانُ.
قالوا: وقدم على رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، علقمة بن عُلاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب وهوذة بن خالد بن ربيعة وابنه، وكان عمر جالسًا إلى جنب رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رسول الله: أوْسِعْ لِعَلْقَمَةَ، فأوْسَع له، فجلس إلى جنبه، فقصَّ عليه رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، شرائع الإسلام وقرأ عليه قرآنًا، فقال: يا محمّد إن ربّك لكريم وقد آمنت بك وبايعت على عكرمة بن خَصَفَةَ أخي قيس، وأسلم هوذة وابنه وابن أخيه وبايعَ هَوذة على عكرمة أيضًا.
قال: أخبرنا هشام بن محمّد عن إبراهيم بن إسحاق العبدي عن الحجّاج بن أرْطاة عن عَون بن أبي جُحيفة السُّوائي عن أبيه قال: قَدِم وفد بني عامر وكنتُ معهم إلى النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، فوجدناه بالأبطح في قُبّة حمراء فسلّمنا عليه فقال: مَنْ أنْتُمْ؟ قلنا: بنو عامر بن صعصعة، قال: مَرْحَبًا بكُمْ أنْتُمْ مِنّي وأنَا مِنْكُمْ، وحضرَت الصلاةُ فقام بلال فأذَّن وجعل يستدير في أذانه، ثمّ أتى رَسولَ الله، - صلى الله عليه وسلم -، بإناءٍ فيه ماء فتوضأ وفَضَلَت فَضْلة من وَضوئه فجعلنا لا نألو أن نتوضأ ممّا بقي من وضوئه، ثمّ أقام بلال الصلاة فصلّى بنا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ركعتين ثمّ حضرَتِ العصرُ فقام بلال فأذّن فجعل يستدير في أذانه، فصلّى بنا رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، ركعتين.