للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسمعت أبي وهو يُعاتب ابن شهاب في الدَّيْن، ويقول له: قد قضى عنك هشام بن عبد الملك ثمانين ألف درهم، وقد عرفت مما قال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في الدَّيْن، قال ابن شهاب لأبي: إِنى أعتمد على مالى، والله لو بقيت لي هذه المَشْرُبة ثم مُلئت إلى سقفها ذهبًا أو ورِقًا -قال إبراهيم: أنا أشك- ما رأيته عوضًا من مالى، قال إبراهيم: وهما إذ ذاك في مَشْرُبة.

(*) أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن أبي الزِّناد، عن أبيه، قال: كان الزُّهْرى يقدح أبدًا عند هشام بن عبد الملك في خلع الوليد بن يزيد ويعيبه، ويذكر أمورًا عظيمة لا ينطق بها، حتى يذكر الصبيان أنَّهم يُخضِّبون بالحِنَّاء، ويقول لهشام: ما يحل لك إلَّا خلعه. فكان هشام لا يستطيع ذلك، للعقد الذي عقد له، ولا يسوءه ما يصنع الزُّهْرى رجاء أن يُؤلِّب ذلك الناس عليه.

قال أبو الزِّنَاد: فكنت يومًا عند هشام في ناحية الفُسْطاط وأسمع ذَرْوَ (١) كلام الزُّهْرى في الوليد وأنا أتغافل، فجاء الحاجب، فقال: هذا الوليد على الباب، فقال: أدخله، فأدخله، فأوسع له هشام على فراشه وأنا أعرف في وجه الوليد الغضب والشر.

فلما استُخلف الوليد بعث إليَّ وإلى عبد الرحمن بن القاسم، وابن المُنكَدِر، وربيعة، فأرسل إليَّ ليلة مُخليًا لي فقدَّم العشاء، فقال لي بعد حديث: يابن ذكوان، أرأيت يوم دخلتُ على الأحول وأنت عنده، والزُّهْرى يقدح فيَّ؟ أتحفظ من كلامه يومئذٍ شيئًا؟ فقلت: يا أمير المؤمنين أذكر يوم دخلت، وأنا أعرف الغضب في وجهك قال: كان الخادم الذي رأيت على رأس هشام نقل ذلك كله إليَّ وأنا على الباب قبل أن أدخل إليكم، وأخبرني أنك لم تنطق فيه بشئ، قال: قلت: نعم، لم أنطق فيه بشئ يا أمير المؤمنين، قال: قد كنت عاهدت الله تعالى لئن أمكنتنى القدرة بمثل هذا اليوم أن أقتل الزُّهْرى فقد فاتنى (*).

أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن أخى الزُّهْرى، قال: كان عمِّى الزُّهْرى قد اتَّعد هو وابن هشام إن مات هشام بن عبد الملك أن


(*) من هذه العلامة إلى مثلها أورده الذهبي بنصه في تاريخه نقلًا عن الواقدى.
(١) ذَرْو: طرف.