للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلما بلغه قتل أخيه محمد بن عبد الله بن حسن تأهب واستعد وخرج يريد أبا جعفر المنصور بالكوفة (١).

فكتب أبو جعفر إلى عيسى بن موسى يعلمه ذلك ويأمره أن يُقْبِل إليه، فوافاه رسول أبي جعفر وكتابه -وقد أحرم بعمرة- فرفضها، وأقبل إلى أبي جعفر، فوجهه في القواد والجند والسلاح إلى إبراهيم بن عبد الله بن حسن، وأقبل إبراهيم بن عبد الله ومعه جماعة كبيرة من أفناء الناس أكثر من جماعة عيسى، فالتقوا ببَاخَمْرَا (٢) -وهى على ستة عشر فرسخًا من الكوفة- فاقتتلوا قتالًا شديدًا، وانهزم حميد بن قحطبة وكان على مقدمة عيسى بن موسى وانهزم الناس معه، فعرض لهم عيسى بن موسى يناشدهم الله والجماعة، فلا يلوون عليه، ويمرون منهزمين. فأقبل حميد منهزمًا فقال له عيسى: يا حميدُ، الله الله في الطاعة، فقال: لا طاعة في الهزيمة ومر، ومر الناس كلهم حتى لم يبق منهم أحد بين عيسى بن موسى وعسكر إبراهيم، وثبت عيسى في مكانه الذي كان به، لا يزول وهو في مائة رجل من خاصته وَحَشمِه فقيل له: أصلح الله الأمير! لو تنحيت عن هذا المكان حتى يثوب إليك الناس فَتَكُرّ بِهِم! فقال: لا أزول من مكاني هذا أبدًا حتى أُقْتَل أو يفتح الله عليّ، ولا يقال إنه انهزم (٣).

وأقبل إبراهيم بن عبد الله في عسكره يدنو ويدنو غبار عسكره، حتى يراه عيسى بن موسى وَمَنْ معه، فبيناهم على ذلك إذا فارس قد أقبل، قد كَرَّ راجعًا يجري نحو إبراهيم لا يعرّج على شيء، فإذا هو حُميد بن قحطبة قد غير لأمته،


(١) تاريخ الطبري ج ٧ ص ٦٣٤ نقلا عن ابن سعد.
(٢) بَاخَمْرَا: تحرفت في ث إلى "بَاجُمَيْرَا" وكتبها محرفة هكذا الأستاذ زياد، دون أن يعمل فكره فيما أورده ابن سعد من قوله عقبها: "وهى على ستة عشر فرسخا من الكوفة" وهو القول الذي ينطبق على "بَاخَمْرَا" دون "باجُمَيْرَا" واتبعه في خطئه الأستاذ عطا دون أن يتثبت في الأمر. هذا وصواب الكلمة مما أورده الطبري ج ٧ ص ٦٤٤ وهو ينقل عن ابن سعد. ولدى ياقوت (باخَمْرَا) موضع بين الكوفة وواسط وهو إلى الكوفة أقرب، وبين باخمرا والكوفة سبعة عشر فرسخا، بها كانت الوقعة بين أصحاب أبي جعفر المنصور وإبراهيم بن عبد الله بن حسن بن علي بن أبي طالب، فقُتل إبراهيم هناك، فقبره إلى الآن يزار.
(٣) أورده الطبري في تاريخه ج ٧ ص ٦٤٤ نقلا عن ابن سعد.