للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبي ذئب لا يصنع به مثل هذا، إن من شرفه وحاله في نفسه، وقدره عند أهل البلد أمرًا عظيمًا، فازداد زياد ندامة، وغَمَّهُ ما صنع به، وقال: فأنا آتِيه فأترضاه وأتحلله مما قلت له. قالوا: ألا تفعل فإنه أَمحك (١) ما يكون عند ذلك، ولا نأمن أن يُسْمِعَك ما تكره.

فأرسل إلى أخيه طالوت، فقال: هذه مائة دينار خذها وأعطها أخاك، وتحلل لي منه. فقال طالوت: ما أجترئ عليه بذلك وهو لَا يُحَلِّلُكَ أبدًا. قال: فخذ هذه الدنانير فأوصلها إليه. قال: إن علم أنها مِنْ قِبَلِكَ لم يقبلها. قال: فخذها واصنع له بها شيئًا يصل إليه نفعه. قال: فأخذها فاشترى له منها جارية، فهي أمّ ولده، اسمها سلامة، ولا يعلم ابن أبي ذئب بذلك، ولو علم ما قبلها أبدًا. قال: وكان لا يذكر فِرْيَةَ زياد عليه إلا بكى وتلهف، فقال: لولا خوف الله لرددتها عليه.

قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: كان الحسن بن زيد يُجْرِي على ابن أبي ذئب خمسة دنانير في كل شهر، فلما غضب أبو جعفر المنصور على حسن بن زيد عزله عن المدينة، وولّى عبدَ الصمد بن علي، وأمر بحبس حسن بن زيد والتضييقَ عليه، فأرسل المهديّ إلى عبد الصمد بن عليّ سرًّا، أن وَسِّع عَلَى الحسن بن زيد، ولا تُضَيِّق عليه. فأرسل عبد الصمد إلى عشرة من أهل المسجد فيهم ابن أبي ذئب فقال: ادخلوا على حسن بن زيد فانظروا إليه وإلى ما هو فيه فدخلوا عليه ونظروا إليه وخرجوا، ودعا بهم عبد الرحمن بن عبد الصمد بن عليّ، ورسول المهديّ عنده يريد أن يسمع مقالهم فيخبر بذلك المهديّ، فقال لهم عبد الصمد: كيف رأيتم الرجل وحاله في حبسه؟ فقالوا: رأيناه في سعة وفي خير وطبري (٢) وعنده ريحان، قالوا وابن أبي ذئب ساكت لا يتكلم فقال: ما تقول أنت؟ قال ابن أبي ذئب: كذبوك وخدعوك وغروك، الرجل في مكان ضيق وَيُحْدِثُ تحته، ورأيت ضيعة، ثم قام ليخرج فقال له عبد الصمد: تعال أي شيء عندك. قال: عندي الذي أخبرتك.


(١) أشد غضبا.
(٢) الطَّبْرِي: ثلثا الدرهم (القاموس).