للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا أبو جناب، عن أبي صخرة قال: حدّثني رجل من قوم طارق بن عبد الله عنه قال: إني بسوق ذي المَجاز إذ مرّ عليّ رجل شابّ عليه جبّة من بُرْد أحمر وهو يقول: يأَيّها الناس قولوا لا إله إلّا الله تُفْلِحُوا. ورجل خلفه يرميه قد أدمى عرقوبيه وساقيه يقول: إنّه كذّاب فلا تطيعوه!! فقلتُ: مَن هذا؟ قالوا: غُلام من بني هاشم الذي يزعم أنّه رسول الله، وهذا عمّه عبد العُزَّى.

فلمّا هاجر محمّد، - صلى الله عليه وسلم -، إلى المدينة وأسلم الناس ارتحلنا من الرّبَذة معنا ظعينة لنا، فلمّا أتينا المدينة أدْنَى حيطانها نزلنا نلبس ثيابًا غير ثيابنا وإذا برجل في الطريق، فقال: من أين أقبل القوم؟ قلنا: من الربذة، قال: أين تريدون؟ قلنا: نريد هذه المدينة. قال: وما حاجتكم فيها؟ قلنا: نُمير أهلَنا من تمرها. قال ولنا جمل أحمر قائم مخطوم، فقال: أتبيعون جملكم؟ قلنا: نعم، قال: بكَم؟ قلنا: بكذا وكذا صاعًا من تمر، قال فما استنقصنا ممّا قلنا له شيئًا، ثمّ ضرب بيده فأخذ خطام الجمل فأدبر به، فلمَّا تولّى عنّا بالخطام قلنا: والله ما صنعنا شيئًا وما بِعْنا مَن لا يُعْرَف.

قال: تقول المرأة الجالسة: لقد رأيتُ رجلًا كأنّ وجهه شقّة القمر ليلة البدر، لا يظلمكم ولا يغدر بكم وأنا ضامنة لثمن جملكم. فأتانا رجل فقال: أنا رسول رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، إليكم. هذا تمركم فكلوا واشبعوا واكتالوا. قال: فأكلنا واكتلنا واستوفينا وشبعنا، ثمّ دخلنا المدينة فأتينا المسجد فإذا هو يخطب على المنبر، فسمعنا من قوله يقول: تصدّقوا فإنّ الصدقة خير لكم، واليد العُلْيا خير من اليد السّفْلى، وابْدَأ بمن تَعُول (١) أمّك وأباك وأختك وأخاك ثمّ أدْناك فأدْناك. فدخل رجل من بني يربوع، فقام رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله هؤلاء بنو يربوع قتلوا منّا رجلًا في الجاهليّة فأعْدِنا عليهم. قال: يقول رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -: ألا إنّ أمًّا لا تجني على ولد، ألا إنّ أمًّا لا تجني على ولد، ثلاثًا.


(١) لدى ابن الأثير في النهاية (عول) في حديث النفقة "وابْدَأ بمن تعول" أي بمن تَمُونُ وتَلْزَمُك نَفَقَتُه من عِيالِك، فإنْ فَضَل شيء فليكنْ للأجانب. يقال: عالَ الرجلُ عِيَالَه يَعُولُهُم إذا قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة وغيرهما.