ابن جُبير قول الله تبارك وتعالى:{إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ}[سورة النساء: ٩٨] قال: كان ناس بمكّة مظلومين، أو قال مقهورين. قال: قلت: لقد جئتك من عند قوم هكذا، يعني زمن الحجّاج. قال: يا بن أخ لقد حرصنا وجهدنا وأبَى الله أن يكون إلّا ما أراد.
قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي قال: حدّثنا أبو عَوانة عن إسماعيل -يعنى ابن سالم- عن حبيب بن أبي ثابت أنّ سعيد بن جُبير استعمله مَطَرُ بن ناجية في فتنة ابن الأشعث على مأصِرى الكوفة على الصدقة والعشور.
قال حبيب: فركب وركبتُ معه حتى إذا انتهينا إلى المأصر أتانا رجل كان ينحتُ السّفُن قبل ذلك لمن كان قبله فدخل السفينة ومعه مِحَسّة، فقال له سعيد ابن جبير: إليك إليك. فأخرجه، ثمّ نظر سعيد بن جبير وهو أوّل ما ركب إليه فمن تقدّم له يومئذٍ بيع من أهل الذّمّة فلم يرزِه شيئًا ولم يكن يرى أنّ عليهم عشورًا، ونظر من كان من أهل الإسلام فأخذ منهم صدقة ما كان معهم.
قال محمد بن سعد قالوا: وكان سعيد بن جبَير فيمن خرج من القُرّاء على الحجّاج بن يوسف، وشهد دير الجَماجم.
قال: أخبرنا سعيد بن محمّد الثقفي عن الزّبرقان الأسدي قال: سألت سعيد ابن جبير في الجَماجم فقلتُ له: إني مملوك ومولاى مع الحجّاج، أفتخاف عليّ إن قُتلتُ أن يكون عليّ وزرٌ؟ قال: لا، قاتل فإنّ مولاك لو كان ها هنا قاتل بنفسه وبك.
قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: أخبرنا عُمارة بن زاذان عن أبي الصهباء قال: قال سعيد بن جبير، وذُكر له أنّ الحسن يقول إنّ التقيّة في الإسلام، فقال سعيد: لا تقيّة في الإسلام، قال: فظننتُ أنّه ابتُلى وأُخذ من قابل.
قال محمّد بن سعد: وكان سعيد لما انهزم أصحاب ابن الأشعث من دير الجماجم هرب فلحق بمكّة.
قال: أخبرنا عارم بن الفضل وسليمان بن حرب قالا: حدّثنا حمّاد بن زيد عن يحيَى بن عتيق عن محمّد بن سيرين قال: كان سعيد بن جُبير حائنًا، إنّه فعل ما فعل ثمّ أتى مكّة يفتى الناس.