ولم يسمِّنى العشاء، قال: فقلت لعامر: لقد رأيت منك عجبًا، قال: وما هو؟ قال: غبتَ عنّا منذ كذا وكذا فَسَاءَلْتَنى مُسَاءَلَة رجلٍ عهده بى بالأمس، قال: قد رأيتك صالحًا فعن أىّ شأنك أسألك؟ قال: ولم تسألنى عن قومك من مات منهم ومن بقى وقد علمت مكانى منهم، قال: ما أسألك عن قوم من مات منهم فقد مات ومن لم يمت فسيموت، قال: ولم تسمّنى العشاء، قال: قد علمتُ أنّك كنتَ تأكل طعام الأمراء وفى طعامى هذا خشونة أو جشوبة، قال: فدخلتُ بعد ذلك المسجد فإذا هو جالس إلى كعب وبينهما سِفْرٌ من أسفار التوراة وكعب يقرأ فإذا مرّ على الشئ يعجبه فَسَّرَه له فأتى على شئ كهيئة الراء أو الزاى، قال فقال: يا أبا عبد الله أتدرى ما هذا؟ قال: لا، قال: هذه الرشوة أجدها فى كتاب الله تطمس البصر وتطبع على القلب.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار قال: لمّا رأى كعب عامرًا بالشأم قال: مَن هذا؟ قالوا: عامر بن عبد قيس العنبرىّ البصرىّ، قال: فقال كعب: هذا راهب هذه الأمّة.
قال: أخبرنا إِسحاق بن أبي إسرائيل قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا سليمان بن المُغيرة قال: حدّثنا أيّوب السّخْتيانى قال: لمّا سُيّر أولئك الرهط إلى الشأم كان فيهم مَذْعور وعامر بن عبد قيس وصعصعة بن صُوحان، فلمّا عرفوا براءتهم أُمروا بالانصراف فانصرف بعضهم وبقى بعضهم فكان فيمن أقام مَذْعور وعامر وكان فيمن انحاز صعصعة بن صُوحان.
قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم العبدىّ قال: حدّثنا أبو الوليد الشّيْبانىّ. قال: حدّثنا مخلد قال: سمعتُ أنّ واصلًا ذكر أنّ عامرًا غزا مع النَّاس فنزل المسلمون منزلًا وانطلق عامر فنزل فى كنيسة وقال لرجل خُذْ لِى (١) بباب الكنيسة: فلا يدخلنّ علىّ أحد، قال: فجاء الرجل فقال: إنّ الأمير يستأذن، فقال: فَأْذَنْ له، فدخل، فلمّا دخل وكان قريبًا قال له عامر: أنشدك الله أذكرك الله أن ترغبنى فى دنيا أو تزهدنى فى آخرة.
(١) فى ل "خلالىّ" وبحواشيها "خلالىّ: لا أدرى ما المقصود بذلك ويجوز أن تكون القراءة: خلاءٌ لى" وهو تحريف، صوابه من ث.