للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وكان سيّدًا جَوادًا، ولم يشهد بدرًا، وكان تَهَيّأ للخروج إلى بدر ويأتى دور الأنصار يَحُضّهم على الخروج فنُهش فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَئن كان سعد لم يشهدها لقد كان عليها حريصًا (١).

وشهد بعد ذلك أُحُدًا والخندق والمشاهد كلّها مع رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلمّا توفّى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، اجتمعت الأنصار فى سقيفة بنى ساعدة ومعهم سعد بن عبادة فتشاوروا فى البيعة له وبلغ الخبَر أبا بكر وعُمر فخرجا حتّى أتياهم ومعهما ناس من المهاجرين فجرى بينهم كلام ومحاورة، فقال عمر لأبى بكر: ابْسُط يدك، فبايعه وبايعه المهاجرون والأنصار ولم يبايعهُ سعدُ بن عُبادة، فتركه فلم يَعْرِض له حتّى توفّى أبو بكر وولى عمر فلم يبايع له أيضًا، فلقيه عمر ذات يوم فى طريق من طرق المدينة فقال له عمر: إيه يا سعد إيه يا سعد! فقال سعد: إيه يا عمر! فقال عمر: أنت صاحب ما أنت عليه؟ فقال سعد: نعم أنا ذلك، وقد أفْضَى الله إليك هذا الأمرَ، وكان واليه صاحبك أحَبّ إلينا منك وقد والله أصْبَحْتُ كارهًا لجوارك، فقال عمر، رضى الله عنه: إنّ مَنْ كَرِهَ جارًا جاوَرَه تَحَوّلَ عنه، فقال سعد: أما إنى غير مُسْتَسِرّ بذلك وأنا متحوّل إلى جوار من هو خير من جوارك، قال: فلم يلبث إلّا قليلًا حتّى خرج مهاجرًا إلى الشأم فى أوّل خلافة عمر، رحمه الله (٢).

أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثنا يحيَى بن عبد العزيز بن سعيد بن سعد بن عُبادة عن أبيه قال: توفّى سعد بن عُبادة بحوران من أرض الشأم لسنَتين ونصف من خلافة عمر.

قال محمّد بن عمر: كأنّه مات سنة خمس عشرة، قال عبد العزيز: فما عُلِم بموته بالمدينة حتّى سمع غلمانٌ فى بئر منبه أو بئر سكن وهم يَفتَحون نصف النّهار فى حرّ شديد قائلًا يقول:

قَتَلْنَا سَيِّدَ الخَزْرَ … جِ سَعْدَ بن عُبَادَهْ


(١) سير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢٧١ نقلا عن ابن سعد.
(٢) المصدر السابق ص ٢٧٧، وانظره لدى ابن عساكر فيما أورده ابن منظور فى مختصره ج ٩ ص ٢٤٥.