هانئ بن جابر الطائيّ على مائتى ألف درهم، ثمّ سار فنزل ببانِقْيا على شاطئ الفرات، فقاتلوه ليلة حتّى الصّباح ثمّ طلبوا الصلح، فصالحهم وكتب لهم كتابًا. وصالح صلوبا بن بصيهرا، ومنزله بشاطئ الفرات، على جزية ألف درهم.
ثمّ كتب إليه أبو بكر الصّدّيق، رحمه الله، يأمره بالمسير إلى الشأم وكتب إليه: إنى قد استعملتُك على جندك وعهدتُ إليك عهدًا تَقْرَأُهُ وَتَعْمَلُ بما فيه، فسِرْ إلى الشأم حتّى يوافيك كتابى، فقال خالد: هذا عمر بن الخطّاب حَسَدَنى أن يكون فتحُ العراق على يدى، فاستخلف المثنّى بن حارثة الشيبانيّ مكانه وسار بالأدِلّاء حتّى نزل دومة الجندل، فوافاه بها كتاب أبى بكر وعهدُه مع شريك بن عَبْدة العجلانيّ، فكان خالد أحد الأمراء بالشأم فى خلافة أبى بكر، وفتح بها فتوحًا كثيرة، وهو ولى صُلح أهل دمشق وكتب لهم كتابًا فأنفذوا ذلك له، فلمّا توفّى أبو بكر وولى عمر بن الخطّاب عَزَلَ خالدًا عمّا كان عليه وولّى أبا عُبيدة بن الجرّاح، فلم يزل خالد مع أبى عُبيدة فى جُنده يغزو، وكان له بلاء وغناء وإقْدام فى سبيل الله حتّى توفّى، رحمه الله، بحمص سنة إحدى وعشرين وأوصى إلى عمر بن الخطّاب، ودفن في قرية على ميل من حمص.
قال محمّد بن عمر: سألتُ عن تلك القرية فقالوا قد دَثَرَتْ.
أخبرنا عبد الله بن الزّبير الحُميديّ قال: حدّثنا سفيان بن عُيينة قال: حدّثنا إسماعيل بن أبى خالد قال: سمعتُ قيس بن أبى حازم يقول: لمّا مات خالد بن الوليد قال عمر: يرحم الله أبا سليمان، لقد كنّا نَظُنّ به أمورًا ما كانت.
أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا جويرية بن أسماء عن نافع قال: لمّا مات خالد بن الوليد لم يدع إلا فرسه وسلاحه وغلامه، فبلغ ذلك عمر بن الخطّاب، رحمه الله، فقال: يرحم الله أبا سليمان، كان على غير ما ظننّا به.