للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد بن العاص فقبضها ثمّ أرادوا أن يقوموا فقال: اجلسوا فإنَّ سنّة الأنبياء إذا تزوّجوا أن يؤكل طعام على التزويج. فدعا بطعام فأكلوا ثمّ تفرّقوا.

قالت أمّ حبيبة: فلمّا وصل إلَيّ المالُ أرسلت إلى أَبْرَهَةَ التى بَشَّرَتْنىِ فقلتُ لها: إنى كنت أعطيتك ما أعطيتك يومئذ ولا مال بيدى فهذه خمسون مثقالًا فخذيها فاستعينى بها. فأبت، فأخرجتْ حُقًّا فيه كلّ ما كنت أعطيتها فردّتهُ عليّ وقالت: عَزَمَ عَلَيَّ الملكُ أن لا أرزأك (١) شيئًا وأنا التى أقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتّبعت دينَ محمّد رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكلّ ما عندهنّ من العطر. قالت: فلمّا كان الغد جاءتنى بعُود وَوَرْسٍ وعنبر وزَبَادٍ (٢) كثير، فقدمت بذلك كلّه على النبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكان يراه عَلَيّ وعندى فلا ينكره، ثمّ قالت أبرهة: فحاجتى إليك أن تقرئى رسول الله منى السلام وتُعْلميه أنى قد اتّبعت دينه. قالت: ثمّ لطفت بى وكانت التى جهّزتنى فكانت كلّما دخلت عليّ تقول: لا تنسىْ حاجتى إليك. قالت فلمّا قدمت على رسول الله أخبرته كيف كانت الخطبة وما فعلتْ بى أبرهة، فتبسم رسول الله، وأقرأته منها السلام فقال: وعليها السلام ورحمة الله وبركاته (٣).

أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثنا إسحاق بن محمّد عن جعفر بن محمّد عن أبيه قال: بعث رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عمرو بن أُميّة الضّمرى إلى النجاشى فخطب عليه أمّ حبيبة بنت أبي سفيان، وكانت تحت عبيد الله بن جحش، فزوّجها إيّاه وأصْدَقَها النجاشيّ من عنده عن رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أربعمائة دينار.

قال أبو جعفر: فما نرى عبد الملك بن مروان وقّت صَداق النساء أربعمائة دينار إلا لذلك.

أخبرنا محمد بن عمر، فحدّثنى محمّد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قَتَادَة قال: وحدّثنى عبد الرحمن بن عبد العزيز عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم قالا: كان


(١) لدى ابن الأثير (رزأ) في حديث سُراقة "فلم يُرْزَآنى شيئا" أى لم يأخذا منى شيئا.
(٢) الزباد: طِيب.
(٣) أورده ابن حجر في الإصابة ج ٧ ص ٦٥١ - ٦٥٢ من رواية ابن سعد.