للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الساعدى، فلمّا قدما عليها، جلست في بيتها، وأذنت له أن يدخل، فقال أبو أُسيد: إنّ نساء رسول الله لَا يَرَاهُنَّ أحد من الرّجال، فقال أبو أسيد: وذلك بعد أن نزل الحجاب، فأرسلت إليه فيسّرنى لأمرى، قال: حجاب بينك وبين من تكلّمين من الرجال إلا ذا محرم منك. ففعلت. قال أبو أسيد: فأقمت ثلاثة أيّام ثم تحمّلت معى على جمل ظَعِينَة (١) في محفّة، فأقبلتُ بها حتى قدمت المدينة فأنزلتُها في بَنى سَاعِدَة، فدخل عليها نساء الحيّ فرحّبن بها وسهّلن، وخَرَجْن من عندها فذكرن من جمالها، وشاع بالمدينة قدومها. قال أبو أسيد: ووجّهت إلى النبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو في بنى عمرو بن عوف فأخبرته، ودخل عليها داخل من النساء فَدَأَيْنَ لها لما بلغهنّ من جمالها وكانت من أجمل النساء، فقالت: إنّك من الملوك فإن كنت تريدين أن تحظَىْ عند رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإذا جاءك فاستعيذى منه فإنّك تحظين عنده ويرغب فيك (٢).

أخبرنا محمد بن عمر قال: فحدّثنى موسى بن عبيدة، عن عمر بن الحكم، عن أبي أسيد الساعدى قال: بعثنى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلى الجونيّة فحملتها، وكانوا يكونون بناحية نجد، حتى نزلت بها في أطم بنى ساعدة ثمّ جئت إلى رسول الله فأخبرته بها فخرج رسول الله يمشى على رجليه حتى جاءها فأقعى على ركبتيه ثمّ أهوى إليها ليقبّلها، وكذلك كان يصنع إذا اجتلى النساء، فقالت: أعوذ بالله منك. فانحرف رسول الله عنها وقال لها: لقد استعذت معاذًا. ووثب عنها وأمرنى فرددتها إلى قومها (٣).

أخبرنا محمد بن عمر، حدّثنى عبد الله بن جعفر عن عمرو بن صالح عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى قال: الجونيّة استعاذت من رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقيل لها هو أحظى لك عنده. ولم تستعذ منه امرأة غيرها وإنّما خدعت لما رُئِىَ مِنْ جَمالها وهيئتها، ولقد ذكر لرسول الله مَنْ حَمَلها على ما قالت لرسول الله فقال رسول الله: إنّهنّ صواحب يوسف وكيدهنّ عظيم. قال: وهى أسماء بنت النعمان بن أبي الجون (٤).


(١) الظعينة: المرأة في الهودج.
(٢) أورده الذهبى في سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٢٥٨ من رواية الواقدى.
(٣) أورده البلاذرى في أنساب الأشراف ج ١ ص ٤٥٧.
(٤) أورده النويرى في نهاية الأرب ج ١٨ ص ١٩٣.