للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سمعتُ عَطاء الخراسانى فى مجلس فيه عمران بن أبى أنس (١) يقول وهو فيما بين القبر والمنبر: أدركتُ حُجَرَ أزواج رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من جريد النخل على أبوابها المُسُوح من شَعَر أسود، فحضرتُ كتاب الوليد بن عبد الملك يُقرأ يأمر بإدخال حُجر أزواج النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فى مسجد رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فما رأيت أكثر باكيًا من ذلك اليوم.

قال عطاء: فسمعتُ سعيد بن المسيّب يقول يومئذ: والله لوددت أنَّهم تركوها على حالها ينشأ ناشئ من أهل المدينة، ويَقْدَم القادم من الأُفق فيرى ما اكتفى به رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فى حياته، فيكون ذلك ممّا يزهّد النّاس فى التكاثر والتفاخر، قال معاذ: فلمّا فرغ عطاء الخراسانى من حديثه قال عمران بن أبى أنس: كان منها أربعة أبيات بلَبِن لها حُجَرٌ من جريد، وكانت خمسة أبيات من جريد مُطيَّنَة لا حُجر لها، على أبوابها مسوح الشعر، ذَرَعْتُ الستر فوجدته ثلاثة أذرع فى ذراع والعظم أو أدنى من العظم، فأمّا ما ذكرت من البكاء يومئذ فلقد رأيتنى فى مجلس فيه نفر من أبناء أصحاب رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، منهم أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وأبو أمامة بن سَهل بن حُنيف، وخارجة بن زَيد بن ثابت وإنّهم ليبكون حتى أخضلَ لحاهم الدمعُ، وقال يومئذ أبو أُمامة: ليتها تُركت فلم تهدم حتى يَقْصُرَ النّاس عن البناء، ويروا ما رضى الله لنبيه، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومفاتيح خزائن الدنيا بيده (٢).

أخبرنا محمّد بن عمر عن عبد الله بن عامر الأسلمى قال: قال لى أبو بكر بن حزم وهو فى مصلّاه فيما بين الأُسطوانة التى تلى حرف القبر التى تلى الأخرى إلى طريق باب رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هذا بيت زينب بنت جَحْش، وكان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يصلّى فيه، وهذا كلُه إلى باب أسماء بنت حسن بن عبد الله بن عُبيد الله ابن العبّاس اليوم إلى رحبة المسجد، فهذه بيوت النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، التى رأيتها بالجَريد، قد طُرّت بالطين، عليها مسوح شعر.


(١) تحرف فى ل إلى "عمر بن أبى أنس" وكذلك فى طبعتى إحسان وعطا. وصوابه من م. والتقريب لابن حجر، وتهذيب المزى. وانظره كذلك لدى الصالحى ج ٣ ص ٥٠٧ من طريق الواقدى كذلك.
(٢) أورده الصالحى ج ٣ ص ٥٠٧ من طريق الواقدى كما هنا.