للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسول الله إلى أوس بن صامت فأتاه فقال رسول الله: ماذا تقول ابنة عمّك؟ فقال: صدقتْ. قد تظهّرت منها وجعلتها كظهر أمّى، فما تأمر يا رسول الله في ذلك؟ فقال رسول الله: لا تدنُ منها ولا تدخل عليها حتى آذن لك. قالت خولة: يا رسول الله ما له من شئ وما ينفق عليه إلّا أنا. وكان بينهم في ذلك كلام ساعة ثمّ أنزل الله القرآن: {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا} [سورة المجادلة: ١] إلى آخر الآيات. فأمره رسول الله بما أَمره الله من كفّارة الظهار، فقال أوس: لولا خولة هلكت.

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنى عبد الحميد بن عمران بن أَبِى أنس، عن أبيه قال: كان من ظاهر في الجاهليّة حرمت عليه امرأته آخر الدَّهر، فكان أوّل من ظاهر في الإسلام أَوْس بن صَامِت وكان به لَمَم، وكان يفيق فيعقل بعض العقل فلاحى (١) امرأته خولة بنت ثعلبة أخت أبي عبد الرحمن يزيد بن ثعلبة في بعض صحواته فقال: أنتِ عَلَيَّ كظهر أُمِّى. ثمّ ندم على ما قال فقال لامرأته: ما أراك إلّا قد حرمت عليّ. قالت: ما ذكرت طلاقًا وإنّما كان هذا التحريم فينا قبل أن يبعث الله رسوله فأتِ رسول الله فسَلْه عمّا صنعتَ. فقال: إنى لأستحيى منه أن أسأله عن هذا فَأْتى أنتِ رسولَ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عسى أن تكسبينا منه خيرًا تفرّجين به عنّا ما نحن فيه ممّا هو أعلم به. فَلَبِسَت ثيابًا ثمّ خَرَجتْ حتى دخلتْ عليه في بيت عائشة فقالت: يا رسول الله إنّ أوسًا مَنْ قد عرفتَ، أبو ولدى وابن عمّى وأَحَبّ الناس إليّ، وقد عرفت ما يصيبه من الَّلمَم وعجز مقدرته وضعف قوّته وعيّ لسانه وأحقّ من عاد عليه أنا بشئ إن وجدته، وأحقّ من عاد عليّ بشئ إن وجده هو، وقد قال كلمة، والذى أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلاقًا، قال: أنت عَلَيّ كظهر أمّى. فقال رسول الله: ما أراك إلّا قد حرمت عليه. فجادلت رسول الله مرارًا ثمّ قالت: اللهمّ إنى أشكو إليك شدّة وجدى وما شقّ عليّ من فراقه،


(١) ل "لاخَى" والمثبت من ث، ح، ر، وتحت حاء الكلمة (ح) علامة الإهمال للتأكيد.
ولدى ابن الأثير في النهاية (لحا) فيه "نُهيت عن مُلاحاة الرجال" أى مخاصمتهم. يقال: لاحيته مُلاحاة ولِحاء، إذا نازعتَه.