للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حدّثينى خبرك يوم أحُد. قالت: خرجتُ أوّل النهار إلى أُحُد وأنا أنظر ما يصنع الناس، ومعى سِقَاء فيه ماءٌ، فانتهيت إلى رسول الله وهو في أصحابه، والدولة والريح للمسلمين، فلمّا انهزم المسلمون انحزتُ إلى رسول الله فجعلت أباشر القتال، وأَذُبُّ عن رسول الله بالسيف وأرمى بالقوس حتى خلصَتْ إِلَيّ الجِراحُ. قالت فرأيت على عاتقها جُرحًا له غَوْرٌ أَجْوَف. فقلت: يا أمَّ عُمارة، مَن أصابك هذا؟ قالت: أقبل ابن قَمِيئَة، وقد ولّى الناس عن رسول الله، يصيح: دُلُّونى على محمد فَلَا نجوتُ إن نجا. فاعترض له مُصْعَب بن عُمَير ونَاسٌ معه، فكنت فيهم فضربنى هذه الضربة، ولقد ضربته على ذلك ضرباتٍ، ولكنَّ عدوَّ الله كان عليه دِرعان (١).

فكان ضَمْرَةُ بن سعيد المَازِنى يحدّث عن جدّته، وكانت قد شهدت أُحُدًا تسقى الماء، قالت: سمعتُ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول: لمَقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان! وكان يراها يومئذٍ تُقاتل أشدّ القتال، وإنّها لحاجزةٌ ثوبها على وسَطها، حتى جُرحت ثلاثة عشر جُرْحًا، وكانت تقول إنّى لأنظر إلى ابن قَمِيئَة وهو يضربها على عاتقها، وكان أعظم جراحها فداوته سنة، ثمّ نادى مُنَادِى رسول الله إلى حَمْراء الأَسَد! فشدّتْ عليها ثيابَها فما استطاعت من نَزْفِ الدم، ولقد مكثنا ليلتنا نُكمّد الجراح حتى أصبحنا. فلمّا رجع رسول الله من الحَمْرَاء، ما وصل رسول الله إلى بيته حتى أرسل إليها عبد الله بن كعب المازنيّ يسأل عنها، فرجع إليه يخبره بسلامتها، فسُرّ بذلك النبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (٢).

أخبرنا محمد بن عمر، أخبرنا عبد الجَبَّار بن عُمَارة عن عُمارة بن غَزيَّة قال: قالت أمّ عمارة: قد رأيتنى وانكشف الناس عن رسول الله فما بقى إلّا في نُفَير ما يُتِمُّون عشرة، وأنا وابناى وزوجى بين يديه نذُبّ عنه، والناس يمرّون به مُنهزمين، ورآنى لَا تُرْسَ معى، فرأى رجلًا مُوليًّا معه تُرْس، فقال: يا صاحب الترس (٣) ألقِ


(١) أورده الواقدى بنصه ص ٢٦٨ - ٢٦٩.
(٢) أورده الواقدى بنصه ص ٢٧٠.
(٣) كذا لدى الواقدى الذى ينقل عنه المصنف، وفى الأصل "فقال الصاحب الترس".