للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وبعث إليهم رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- محمّدَ بن مَسلَمة أن اخرجوا من بلدى فلا تُساكنونى بها وقد هَممتم بما هممتم به من الغدر وقد أجّلتُكم عشرًا، فمن رُئِىَ بعد ذلك ضَرَبتُ عُنقَه، فمكثوا على ذلك أيّامًا يَتَجَهّزون وأرسلوا إلى ظَهَرٍ لهم بذى الجَدْر وتكارَوا من ناس من أشجَع إبلًا، فأرسلَ إليهم ابن أُبَىّ: لا تخرجوا من دياركم وأقيموا فى حِصنكم فإنّ معى ألفيْن من قومى وغيرهم من العرب يدخلون معكم حصنكم فيموتون عن آخرهم وتُمدّكم قُرَيظةُ وحُلفاؤكم من غَطَفَان (١).

فطمع حُيىّ فيما قال ابن أبىّ فأرسلَ إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنّا لا نخرج من ديارنا فاصنعْ ما بدا لك. فأظهر رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، التكبيرَ وكَبّرَ المسلمون لتكبيره وقال: حاربت يهود، فصار إليهم النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فى أصحابه فصلَّى العصرَ بفَضاء بنى النضير وعلىّ، رضى الله عنه، يحمل رايتَه، واستخلفَ على المدينة ابن أمّ مكتوم، فلمّا رأوا رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قاموا على حصونهم معهم النبلُ والحجارة واعتزلتهم قُرَيظة فلم تُعِنهُمْ، وخَذَلهم ابن أُبَىّ وحلفاؤهم من غَطَفان فأيِسوا من نَصرهم، فحاصَرهم رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقَطَع نَخلهم فقالوا: نحن نخرج عن بلادك، فقال: لا أقبله اليومَ ولكن اخرجوا منها ولكم دماؤكم وما حملت الإبل إلّا الحَلْقَة (٢). فنزلوا يهود على ذلك (٣).

وكان حاصَرهم خمسةَ عشرَ يومًا، فكانوا يُخربون بيوتهم بأيديهم، ثمّ أجلاهم عن المدينة وولّى إخراجهم محمّدَ بن مَسْلمَة، وحملوا النساء والصبيان وتحمّلوا على ستّمائة بَعير، فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هؤلاء فى قومهم بمنزلة بنى المغيرة فى قريش، فلحقوا بخَيْبَر وحَزن المنافقون عليهم حزنًا شديدًا، وقَبَض رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الأموال والحلقة فوجَد من الحلقة خمسين درعًا وخمسين بيضة وثلاثمائة سيف وأربعين سيفًا. وكانت بنو النَّضير صفيًّا (٤) لرسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،


(١) الخبر لدى الواقدى فى المغازى ج ١ ص ٣٦٧.
(٢) الحلْقة -بالتسكين- الدروع. وقيل: السلاح كله، وهو المراد هنا.
(٣) الخبر لدى النويرى ج ١٧ ص ١٣٩.
(٤) صفيا: أى مختارة.