للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن الخطّاب: قُلْ نَعَمْ إن شاء الله، فافترق النّاس على ذلك ثمّ رجعَت قريش فخبّروا مَن قبَلَهم بالموعد وتَهَيّئُوا للخروج.

فلمّا دَنَا الموعد كره أبو سفيان الخروج وقدِم نُعيم بن مسعود الأشْجَعى مكّةَ فقال له أبو سفيان: إنّى قد واعدتُ محمّدًا وأصحابه أن نلتقى ببدر، وقد جاء ذلك الوقت، وهذا عَامٌ جَدْبٌ وإنّما يُصلحنا عامٌ خِصْبٌ غَيدَاق (١) وأَكره أن يخرج محمّد ولا أخرج فيجترئ علينا فنجعل لك عشرين فريضةً يضمَنها لك سُهيل بن عمرو على أن تقدم المدينةَ فتُخَذّل أصحابَ محمّد، قال: نعم. ففعلوا وحملوه على بعير فأسرعَ السّيرَ فقدم المدينة فأخبرهم بجمع أبى سفيان لهم وما معه من العُدّة والسّلاح. فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: والذى نفسى بيده لأخرجنّ وإنْ لم يخرج معى أحدٌ! فنَصَر الله المسلمين وأذْهبَ عنهم الرُّعبَ. فاستخلَفَ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، على المدينة عبد الله بن رَواحة وحمل لواءه علىّ بن أبى طالب وسار فى المسلمين، وهم ألف وخمسمائة، وكانت الخيل عشرة أفراس، وخرجوا ببضائع لهم وتجارات، وكانت بدر الصفراء مجتمَعًا يجتمع فيه العرب وسُوقًا تقوم لهلال ذى القعدة إلى ثمانٍ تخلو منه ثمّ يتفرّق النّاس إلى بلادهم (٢).

فانتهوا إلى بدرٍ ليلةَ هلال ذى القعدة وقامت السوق صبيحةَ الهلال فأقاموا بها ثمانية أيّام وباعوا ما خَرجوا به من التجارات فربحوا للدرهم درهمًا وانصرفوا، وقد سمع النّاس بسيرهم، وخَرج أبو سفيان بن حرب من مكّة فى قريش وهم ألفان ومعهم خمسون فَرَسًا حتى انتهوا إلى مَجَنّة، وهى مَرّ الظهران، ثمّ قال: ارجعوا فإنّه لا يُصلحنا إلّا عامٌ خصْبٌ غَيداقٌ نرعى فيه الشجرَ ونشرب فيه اللبنَ، وإنّ عامكم هذا عامٌ جَدبٌ فإنّى راجع فارجعوا. فسمّى أهل مكّة ذلك الجيش جيشَ السّويق، يقولون: خرجوا يشربون السويق. وقدم مَعبَد بن أبى معبد الخُزاعى مكّة بخبر رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وموافاته بدرًا فى أصحابه فقال صَفوان بن أُميّة لأبى سفيان: قد نهيتك يومئذٍ أن تَعدّ القومَ وقد اجترءوا علينا ورأوا أن قد أخلفناهم ثمّ أخذوا فى الكيد والنّفَقة والتّهيّؤ لغزوة الخندق (٣).


(١) غيداق: مخصب.
(٢) أورده النويرى ج ١٧ ص ١٥٤ نقلا عن ابن سعد.
(٣) النويرى ج ١٧ ص ١٥٥ نقلا عن ابن سعد.