أخبرنا الفضل بن دُكين، أخبرنا سفيان وأخبرنا عمرو بن الهَيْثم عن شعبة جميعًا عن عبد الملك بن عُمير، أخبرنا عطيّة القُرَظى قال: كنتُ فيمن أُخذ يوم قُريظة فكانوا يقتلون من أنبتَ ويتركون مَن لم يُنبِت فكنتُ فيمن لم يُنبِت.
أَخبرنا عَمرو بن عاصم، أخبرنا سليمان بن المُغيرة عن حُميد بن هلال قال: كان بين النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وبين قُريظة وَلْث (١) من عهد، فلمّا جاءت الأحزاب بما جاءوا به من الجنود -نقضوا العهد وظاهَروا المشركين على رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثَ الله الجنود والريح فانطلقوا هاربين وبقى الآخرون فى حصنهم، قال: فوضع رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأصحابه السلاح فجاء جبريل، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلى النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فخرج إليه، فنزل رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهو مُتساند إلى لبَان الفرس قال: يقول جبريل ما وضعنا السلاح بعدُ وإنّ الغُبارَ لَعَاصِبٌ على حاجبه، انهَدْ إلى بنى قُريظة: قال: فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إنّ فى أصحابى جهدًا فلو أنظرتَهم أيامًا: قال: يقول جبريل، عليه السلام، انهدْ إليهم، لأدخلنّ فَرسى هذا عليهم فى حصونهم ثمّ لأضعضعنّها: قال: فأدبر جبريل، عليه السلام، ومن معه من الملائكة حتى سَطَع الغُبار فى زُقاق بنى غَنم من الأنصار وخرج رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فاستقبله رجلٌ من أصحابه فقال: يا رسول الله اجلسْ فلنكفِك! قال: وما ذاك؟ قال: سمعتهم ينالون منك. قال: قد أُوذِىَ موسى بأكثر من هذا. قال: وانتهى إليهم فقال: يا إخوة القِرَدَة والخنازير، إيّاى إيّاى! قال: فقال بعضهم لبعض: هذا أبو القاسم ما عهدناه فحّاشًا. قال: وقد كان رُمى أكحلُ سعد بن مُعاذ فَرَقَأَ الجرح وأجلب ودعا الله أن لا يميتَه حتى يشفى صدره من بنى قُريظة. قال: فأخذهم من الغَمّ فى حصنهم ما أخذهم فنزلوا على حُكم سعد بن مُعاذ من بين الخلق. قال: فحكم فيهم أن تُقتَل مُقَاتِلتُهم وتُسبَى ذَراريّهم. قال حُميد: قال بعضهم وتكون الديار للمهاجرين دون الأنصار. قال: فقالت الأنصار إخوتُنا كنّا معهم: فقال: إنّى أحببتُ أن يستغنوا عنكم. قال: فلمّا فرغَ منهم وحكم فيهم بما حكم مرّت عليه عَنَزٌ وهو مُضْطجع، فأصابت الجرح بظلفها، فما رَقَأَ حتى
(١) الوَلْثُ: العهد بين القوم، يقع من غير قصد، ويكون غير مؤكَّد.