للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الجهاد، وشقّ ذلك على من بقى بالمدينة من اليهود فخرج، واستخلف على المدينة سِباع بن عُرْفُطَة الغِفارى وأخرَج معه أمّ سَلَمة زوجته، فلمّا نزل بساحتهم لم يتحرّكوا تلك الليلة، ولم يَصِحْ لهم ديكٌ حتى طَلَعت الشمس، وأصبحوا وأفئِدَتُهم تَخْفِق وفتَحوا حصونهم وغَدوا إلى أعمالهم معهم المسَاحِى والكَرازين والمَكَاتِل (١)، فلمّا نظروا إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قالوا: مُحمّد والخَميس! يعنون بالخميس الجيش، فولّوا هاربين إلى حصونهم وجعل رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول: الله أكبر خَرِبت خَيبر! إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فسَاءَ صَباحُ المُنذَرِين! ووعظ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، النّاس وفرّق فيهم الرايات ولم يكن الرايات إلا يومَ خَيبر إنّما كانت الألوية فكانت راية النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، السوداء من بُرْد لعائشة تُدْعَى العُقابَ ولواؤه أبيض ودفعه إلى علىّ بن أبى طالب، وراية إلى الحبُاب بن المنذر، وراية إلى سعد ابن عُبادة، وكان شعارهم: يا مَنصُورُ أمِتْ! فقاتَل رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، المشرِكين، قاتَلوه أشدّ القتال وقَتَلوا من أصحابه عِدّةً وقُتل منهم جماعة كثيرة.

وفتحها حصنًا حصنًا، وهى حصون ذوات عدد منها النّطاة ومنها حصن الصّعب بن مُعاذ وحصن ناعِم وحصن قلعة الزبير والشقّ، وبه حصون منها حصن أبىّ وحصن النّزار، وحصون الكتيبة منها القَموص والوَطيح وسُلالِم، وهو حصن بنى أبى الحُقَيق، وأخذ كنزَ آل أبى الحُقَيق الذى كان فى مَسْك الجَمَل، وكانوا قد غَيّبوه فى خَرِبَةٍ فدلّ اللهُ رسولَه عليه فاستخرجه وقَتَلَ منهم ثلاثةً وتسعين رجلًا من يهود، منهم الحارث أبو زينب ومَرْحَب وأُسَير وياسر وعامر وكِنانة بن أبى الحُقَيق وآخوه، وإنّما ذكرنا هؤلاء وسَمّيناهم لشَرَفهم، واستُشْهِد من أصحاب النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بخَيبر ربيعة بن أكثَم وثَقْف بن عمرو بن سُميط ورِفاعة بن مَسروح، وعبد الله بن أُميّة بن وهب حليف لبنى أسد ابن عبد العُزَّى، ومحمود بن مسلمة، وأبو ضيّاح بن النعمان من أهل بدر، والحارث بن حاطب من أهل بدر، وعَدِىّ ابن مُرّة بن سُراقة وأوس بن حبيب وأنيف بن وائل ومسعود بن سعد بن قيس،


(١) المكاتل - جمع مِكتل: القفة الكبيرة التى يحمل فيها التراب وغيره، سميت بذلك لتكتل الشئ فيها، وهو تلاصق بعضه ببعض.