للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهو يجرّ رِداءَه وهو يقول: لا نُصِرْتُ إن لم أنْصُرْ بنى كعب ممّا أنصر منه نفسى! وقال: إنّ هذا السحاب ليستهلّ بنصر بنى كعب.

وقدم أبو سفيان بن حرب على رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، المدينة يسأله أن يجدّد العهد ويزيد في المدّة، فأبَى عليه فقام أبو سفيان فقال: إنّى قد أجَرْتُ بين النّاس، (١) [ولا أظن محمدًا يخفرنى! ثم دخل على النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا محمد، ما أظن أن تردّ جوارى!] فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنت تقول ذلك يا أبا سفيان! ثمّ انصرف إلى مكّة فتجهّز رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأخفى أمره وأخذ بالأنْقاب (٢) وقال: اللهمّ خُذْ على أبصارهم فلا يرَوْنى إلّا بَغْتَةً! فلمّا أجمع المسيرَ كتب حاطب بن أبي بَلْتَعَة إلى قُريش يُخبرهم بذلك فبعث رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عليّ بن أبى طالب والمِقداد بن عمرو فأخذا رسوله وكتابه فجاءا به إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وبعث رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلى مَنْ حَوْلَه من العرب فَجُلّهُمْ أسلَمُ وغِفار وَمُزَيْنَة وجُهَينة وأشجَعُ وسُليم، فمنهم من وافاه بالمدينة ومنهم مَن لحقه بالطريق فكان المسلمون في غزوة الفتح عشرة آلاف.

واستخلف رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، على المدينة عبد الله بن أمّ مكتوم وخرج يوم الأربعاء لعشر ليال خلون من شهر رمضان بعد العصر، فلمّا انتهى إلى الصُّلصُل قدّم أمامه الزُّبيرَ بن العَوّام في مائتين من المسلمين ونادى منادى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: من أحبّ أن يُفْطِرَ فَلْيُفْطِر ومن أحبّ أن يصومَ فَلْيَصُمْ! ثمّ سار، فلمّا كان بقُديد عقد الألوية والرايات ودفعها إلى القبائل، ثمّ نزل مرَّ الظّهْران عِشاءً فأمر أصحابَه فأوقدوا عشرة آلاف نار ولم يبلغ قريشًا مَسيرُه وهم مُغتمّون لِما يخافون من غزوِه إيّاهم. فبعثوا أبا سفيان بن حرب يتحسّب الأخبار وقالوا: إنْ لقِيتَ محمّدًا فخُذْ لنا منه أمَانًا.


(١) في ل، ت "أجرت بين الناس فقال رسول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنت تقول ذلك يا أبا سفيان! " وقد اختل المتن في ل لوجوده هكذا في كل النسخ. وقد تنبه إليه المستشرق هوروفتس محقق هذا القسم فنبه عليه بقوله سقطت لدى ابن سعد كلمات أبى سفيان "ولا أظن محمدا. . ." وهذا يوضحه قول محمد مجيبا عليه "أنت تقول ذلك يا أبا سفيان! " وما بين الحاصرتين مكمل من الواقدى ص ٧٩٤.
وانظر سبل الهدى جـ ٥ ص ٣١٥.
(٢) وأخذ بالأنقاب: يوضحها الحلبى بقوله "وأخذ بالأنقاب أي الطرق".