للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثلاثين سنة، وأمرهم فجاءوا معهم بأموالهم ونسائهم وأبنائهم حتى نزلوا بأوْطاس (١)، وجعلت الأمداد تأتيهم فأجمعوا المسير إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فخرج إليهم رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، من مكّة يوم السبت لستّ ليال خلون من شوّال في اثنى عشر ألفًا من المسلمين: عشرة آلاف من أهل المدينة وألفان من أهل مكّة. فقال أبو بكر: لا نُغْلَب اليومَ من قِلَّةٍ! وخرج مع رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ناسٌ من المشركين كثير، منهم صَفْوان بن أميّة، وكان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، استعار منه مائةَ درع بأداتها، فانتهى إلى حُنين مَساء ليلة الثلاثاء لعشر ليال خلون من شوّال، فبعث مالك بن عوف ثلاثة نفر يأتونه بخبر أصحاب رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فرجعوا إليه وقد تفرّقت أوصالهم من الرّعب.

ووجّه رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، عبدَ الله بن أبي حَدْرَد الأسْلَمى فدخل عسكرَهم فطاف به وجاء بخبرهم، فلمّا كان من الليل عمد مالك بن عوف إلى أصحابه فعبّأهم في وادى حنين فأوعز إليهم أن يحملوا على محمّد وأصحابه حملةً واحدةً، وعبّأ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أصحابَه في السّحَر وصفّهم صفوفًا ووضع الألوية والرايات في أهلها، مع المهاجرين لواء يحمله عليّ بن أبي طالب وراية يحملها سعد بن أبي وقّاص وراية يحملها عمر بن الخطّاب، ولواء الخزرج يحمله حُباب بن المنذر، ويقال لواء الخزرح الآخر مع سعد بن عُبادة ولواء الأوس مع أسيد بن حُضير، وفى كل بطن من الأوس والخزرج لواء أو راية يحملها رجل منهم مُسَمّى، وقبائل العرب فيهم الألوية والرايات يحملها قومٌ منهم مسمّون.

وكان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قد قدّم سُليمًا من يوم خرج من مكّة واستعمل عليهم خالد بن الوليد، فلم يزل على مقدّمته حتى ورد الجعرانةَ، وانحدر رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في وادى الحُنين على تعبئة وركب بغلتَه البيضاء دُلْدُل ولبس دِرْعَين والمغفر والبيضة، فاستقبلهم من هَوازن شئ لم يَروا مثله قط من السّواد والكثرة، وذلك في غَبَش الصُّبح، وخرجت الكتائب من مضيق الوادى وشعبه فحملوا حملةً واحدةً وانكشفت الخيل خيل بني سُليم مولّيةً وتبعهم أهل مكّة وتبعهم النّاس


(١) واد في ديار هوازن.