بردائه، ثمّ صلّى خلف المقام ركعتين، ثمّ سعى بين الصفا والمرْوة على راحلته من فوْره ذلك.
وكان قد اضطرب بالأبطح فرجع إلى منزله. فلمّا كان قبل يوم التروية بيوم خطب بمكّة بعد الظهر، ثمّ خرج يوم التَّروية إلى مِنى فبات بها، ثمّ غدا إلى عَرَفَات فوقفَ بالهضاب من عَرَفات وقال: كلّ عَرفة موقفٌ إلّا بطن عُرَنة (١): فوقف على راحلته يدعو، فلمّا غربت الشمس دفع فجعل يسير العَنَق، فإذا وجد فَجْوةً نَصّ حتَّى جاء المُزْدَلِفَة، فنزل قريبًا من النّار فصلّى المغرب والعشاء بأذان وإقامتين ثمّ بات بها، فلمّا كان في السَّحر أذن لأهل الضعف من الذّرّيّة والنساء أن يأتوا مِنى قبل حَطْمَة الناس. قال ابن عبّاس: وجعل يلطح أفخاذنا ويقول أبَنيّ لا تَرموا حتَّى تطلع الشمس، يعني جَمْرَةَ العَقَبَة، فلمّا برق الفجر صلّى نبيّ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الصبح ثمّ ركب راحلته فوقف على قُزَح وقال: كلّ المُزْدَلفَة موقِفٌ إلّا بطن محسِّر، ثمّ دفع قبل طلوع الشمس، فلمّا بلغ إلى محسّر أوضع ولم يزل يُلبّى حتى رمى جمرة العقبة، ثمّ نَحَرَ الهَدْىَ وحَلَق رأسه وأخذَ من شارِبه وعارضَيْه وقَلّمَ أظفاره وأمر بشَعْره وأظفاره أن تُدفَن، ثمّ أصاب الطّيب ولبس القميص ونادى مناديه بمنى: إنّها أيّام أكلٍ وشُرْبٍ، وفى بعض الرّوايات: وباءَةٍ، وجعل يرمى الجمار في كلّ يوم عند زوال الشمس بمثل حَصَى الخَذْف، ثمّ خطب الغد من يوم النَّحر بعد الظهر على ناقته القَصْواء، ثمّ صدر يوم الصّدَر الآخر وقال: إنّما هُنّ ثلاثٌ يُقيمهنّ المهاجرُ بعد الصّدَر، يعني بمكة، ثمّ وَدع البيت وانصرف راجعًا إلى المدينة، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
أخبرنا هُشيم بن بشير قال: أخبرنا حُميد الطويل أخبرني بكر بن عبد الله المُزَنى قال سمعتُ أنس بن مالك يحدّث قال: سمعتُ النّبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يلبّى بالحجّ والعُمرة جميعًا، قال فحدّثت بذلك ابن عمر، قال فقال ابن عمر: لبّى بالحجّ وحده، قال فلقيتُ أَنسًا فحدّثته بقول ابن عمر فقال أنس: ما يعدوننا إلّا كالصبيان! سمعت رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يقول: لَبّيك عمرةً وحجًّا معا.
أخبرنا عبد الوهّاب بن عطاء، أخبرنا محمّد بن عمرو عن يحيَى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن عائشة أنها قالت: خرجنا مع رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-،