أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أُويس، حدّثني سليمان بن بلال عن هشام بن عُروة عن أبيه عن عائشة: أنّ النّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مات وأبو بكر بالسُّنْح فقام عمر فجعل يقول: والله ما مات رسولُ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-! قالت: قال عمر والله ما كان يقع في نفسى إلّا ذاك وليَبعثنّه اللهُ فلَيَقْطعنّ أيدىَ رجالٍ وأرجلهم، فجاء أبو بكر فكشف عن وجه النّبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقبّله وقال: بأبى أنتَ وأمّى! طِبْتَ حيًّا وميّتًا، والذى نفسى بيده لا يُذيقك الله الموتتين أبدًا! ثمّ خرج فقال: أيّها الحالف على رِسْلِك! فلم يكلّم أبا بكر وجلس عمر فحمد الله أبو بكر وأثنى عليه ثمّ قال: ألا مَن كانَ يعْبُد محمّدًا فإنّ محمّدًا قد مات، ومَن كان يعبُد الله فإنّ الله حيّ لا يموت. وقال: إنّكَ مَيّتٌ وإنّهُمْ مَيّتُونَ. وقال:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}[سورة آل عمران: ١٤٤]. فنَشَج النّاس يبكون واجتمعت الأنصار إلى سعد بن عُبادة في سَقِيفة بنى ساعدة فقالوا: مِنّا أميرٌ ومنكم أمير. فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو عُبيدة بن الجرّاح، فذهب عمر يتكلّم فأسكته أبو بكر فكان عمر يقول: والله ما أردتُ بذلك إلّا أنّى قد هيّأتُ كلامًا قد أعجبنى خشيتُ أن لا يُبْلِغه أبو بكر، ثمّ تكلّم أبو بكر فتكلّم أبلَغ النّاس فقال في كلامه: نَحْنُ الأُمَرَاءُ وأنْتُم الوُزَرَاءُ! فقال الحبُاب بن المنذر السّلَميّ: لا والله لا نفعل أبدًا، منّا أمِيرٌ ومنكم أمير! قال: فقال أبو بكر: لا ولكنّا الأمراءُ وأنتم الوُزراء، هم أوْسَطُ العرب دارًا وأكرمُهم أحسابًا، يعني قُريشًا، فبايعوا عمرَ وأبا عُبيدة، فقال عمر: بَلْ نُبايعك أنت، فأنتَ سَيّدُنا وأنت خَيرنا وأحبّنَا إلى نبيّنا، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأخذ عمر بيده فبايعه، فبايعه النّاس، فقال قائل: قتلتم سَعد بن عُبادة! فقال عمر: قَتَله الله!
أخبرنا أحمد بن الحجّاج، أخبرنا عبد الله بن المبارك، أخبرني مَعْمَر ويونس عن الزّهريّ، أخبرني أنس بن مالك: أنّه لمّا تُوفّى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قام عمر في النّاس خطيبًا فقال: ألا لا أسمعنّ أحدًا يقول إنّ محمدًا مات فإنّ محمّدًا لم يمتْ ولكنّه أرسل إليه ربّه كما أرسل إلى موسى فلبثَ عن قومه أربعين ليلةً. قال الزّهريّ: وأخبرنى سعيد بن المسيّب أنّ عمر بن الخطّاب قال في خُطبته تلك: إنّى لأرجو أن يقع رسولُ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أيْدِىَ رجال وأرجلهم يزعمون أنّه قد مات!