أبو بكر: يا عثمان جاءنى أخوك فزعم أنّه مَرّ بك فسلّم عليك فلم تردّ عليه، فما الّذى حملك على ذلك؟ فقلتُ يا خليفة رسول الله ما فعلتُ! فقال عمر: بلى واللهِ ولكنّها عُبِّيَّتُكم (١) يا بنى أميّة! فقلت: واللهِ ما شعرتُ أنّك مررتَ بي ولا سلّمتَ عليّ! فقال أبو بكر: صدقتَ، أراك واللهِ شُغِلتَ عن ذلك بأمرٍ حدّثتَ به نفسَك! قال: فقلتُ أجلْ! قال: فَما هو؟ فقلتُ: تُوفّى رسولُ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولم أسأله عن نَجاةِ هذه الأمّة ما هو، وكنتُ أحدّثُ بذلك نفسى وأعجبُ تفريطى في ذلك: فقال أبو بكر: قد سألتُه عن ذلك فأخبرنى به، فقال عثمان: ما هو؟ قال أبو بكر: سألته فقلتُ يا رسول الله ما نجاةُ هذه الأمّة؟ قال: مَنْ قَبِلَ منّى الكلمةَ التي عرضتُها على عمّى فَرَدّها عليّ فهى له نجاةٌ، والكلمة التي عرضَها على عمّه: شهادةُ أنْ لا إلهَ إلّا الله وأنّ محمّدًا أرسله الله.
أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني أسامة بن زيد عن أبيه عن عطاء بن يسار قالَ: اجتمع إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، نساؤه في مرضه الّذى مات فيه فقالت صفيّة زوجته: أما والله يا نبيّ الله لَوددتُ أنّ الّذى بك بي! فغمزتْها أزواج النّبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأبصرهنّ النّبيّ فقال: مَضْمِضن! فقُلْن: من أيّ شئ يا رسول الله؟ قال: من تَغامُزكنّ بصاحبتكنّ! واللهِ إنّها لَصادقةٌ!
أخبرنا عُبيد الله بن محمّد بن حفص التّيميّ قال: أخبرنا حمّاد بن سلمة عن عليّ بن يزيد عن القاسم بن محمّد: أنّ رجلًا من أصحاب النّبيّ ذهبَ بَصَرُه فدخل عليه أصحابه يعودونه فقال: إنّما كنتُ أريدُهما لأنْظر بهما إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأمّا إذْ قَبَضَ اللهُ نبيّه فما يسُرّنى أنّ ما بهما بظَبْى من ظِبَاءِ تَبَالةَ.
أخبرنا أبو بكر بن محمّد بن أبي مُرّة المكّيّ، أخبرنا نافع بن عمر، حدّثني ابن أبى مُليكة قال: كانت عائشة تضطجع على قبر النّبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: فرأته خرج عليها في النوم فقالت: واللهِ ما هذا إلّا لشئٍ فُتِنْتُ به ولا يَخرج عليّ أبدًا! فتركت ذلك.
* * *
(١) لدى ابن الأثير في النهاية (عبب) وفيه "إن الله وضع عنكم عُبِّيَّة الجاهلية" يعني الكِبْر.