قال، قال محمّد بن عمر: أوّل سريّة خرج فيها زيدٌ سريّته إلى القَرَدَة، ثمّ سريّته إلى الجَموم، ثمّ سريّته إلى العِيص، ثمّ سريّته إلى الطَّرَف، ثمّ سَريّته إلى حِسْمى، ثمّ سريّته إلى أُمّ قِرْفَة، ثمّ عقد له رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، على النّاس في غزوة مُؤتَةَ وقَدَّمَهُ على الأمراء، فلمّا التقى المسلمون والمشركون كان الأمراء يقاتلون على أرجلهم فأخذ زيد بن حارثة اللّواء فقاتل وقاتل الناسُ معه، والمسلمون على صفوفهم، فقُتل زيد طعنًا بالرماح شهيدًا فصلّى عليه رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وقال: استغفروا له وقد دخل الجنّة وهو يسعى. وكانت مُؤتَةُ في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وقُتل زيد يومئذ وهو ابن خمس وخمسين سنة.
قال: أخبرنا أبو معاوية الضّرير ويزيد بن هارون ومحمّد بن عُبيد الطّنافسى قالوا: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال: لمّا بلغ رسولَ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قتلُ زيد بن حارثة وجعفرٍ وابن رَواحة قام نبيّ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فذكر شأنهم فبَدَأ بزيد فقال: اللهمّ اغفر لزيد، اللهمّ اغفر لزيد، اللهمّ اغفر لزيد، اللهمّ اغفر لجعفر ولعبد الله بن رَواحة.
أخبرنا الفضل بن دُكين وعبد الملك بن عمرو وأبو أُسامة وسليمان بن حرب قالوا: أخبرنا الأسود بن شيبان عن خالد بن سُمَيْر (١) عن عبد الله بن رَبَاح الأنصاريّ، سمعه يقول أخبرنا أبو قتادة الأنصاريّ فارسُ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: بعث رسولُ الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، جيشَ الأمراء فقال: عليكم زيد بن حارثة فإن أُصيب زيدٌ فجعفر بن أبي طالب، فإن أُصيب جعفر فعبد الله بن رَواحة، قال فوثب جعفر فقال: يا رسول الله ما كنْتُ أرْهَبُ أن تستعمل عليّ زيدًا، فقال: أمْضه فإنّك لا تدرى أيّ ذلك خير.
قال: أخبرنا سليمان بن حرب قال: أخبرنا حمّاد بن زيد عن خالد بن سُمَيْر قال: لما أُصيب زيد بن حارثة أتاهم النّبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال فَجَهَشَتْ بنت زيد في وجه رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فبكى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حتى انتحب فقال له سعد بن عُبادة: يا رسولَ الله ما هذا؟ قال: هذا شوق الحبيب إلى حبيبه.
* * *
(١) خالد بن سُمَيْر: تحرف في الطبعات السابقة إلى "خالد بن شمير" وكذلك وقع ضبطه في خلاصة الخزرجى -بالشين المعجمة- وهو وهم، فقد قيده ابن ماكولا وابن ناصر الدين وغيرهما بالسين المهملة.