على رأسه قلصت عن قدميه حتى جُعل عليه إذْخِرٌ، ولقد رأيتُنى مع رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ما أملك دينارًا ولا درهمًا وإنّ في ناحية بيتى في تابوتى لأربعين ألف وافٍ، ولقد خشيتُ أن تكون قد عُجِّلَتْ لنا طيّباتُنا في حياتنا الدنيا.
قال: أخبرنا يَعْلَى بن عُبيدة قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبى حازم قال: دخلنا على خبّاب بن الأرتّ نعوده وقد اكتوى في بطنه سبعًا فقال: لولا أنّ رسول الله نهانا أن ندعو بالموت لدَعَوْتُ.
قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأسديّ قال: أخبرنا مِسْعَر بن كِدَام عن قيس بن مُسلم عن طارق بن شهاب قال: عاد خبّابًا نفرٌ من أصحاب رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقالوا أبْشِرْ يا أبا عبد الله، إخْوانك تَقْدَمُ عليهم غَدًا، فبكى وقال: عليها من حالى (١) أما إنّه ليس بي جَزَعٌ ولكن ذكرتمونى أقوامًا وسمّيتموهم لي إخوانًا وإنّ أولئك مضوا بأجورهم كما هي، وإنى أخاف أن يكون ثواب ما تذكُرون من تلك الأعمال ما أُوتينا بَعْدهم.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله عن الزّهريّ عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: سألتُ عبد الله بن خبّاب: متى مات أبوك؟ قال: سنة سبع وثلاثين وهو يومئذ ابن ثلاثٍ وسبعين سنة.
قال محمّد بن عمر: وسمعتُ من يقول هو أوّل من قبره عليّ بالكوفة وصلّى عليه مُنْصَرَفَه من صِفِّين.
قال: أخبرنا طَلْق بن غَنّام النّخَعيّ قال: أخبرنا محمّد بن عِكرمة بن قيس بن الأحنف النخعى عن أبيه قال: حدّثني ابن الخبّاب قال: كان النّاس يدفنون موتاهم بالكوفة في جبابينهم، فلمّا ثَقُلَ خبّاب قال لي: أي بُنيّ إذا أنا مِتّ فادْفِنّى بهذا الظّهر فإنّك لو قد دفنتنى بالظهر قيلَ دُفِنَ بالظهر رجلٌ من أصحاب رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فدَفَنَ النّاس موتاهم. فلمّا مات خبّاب، رحمه الله، دُفن بالظهر فكان أوّلَ مدفون بظهر الكوفة خبّابٌ.
* * *
(١) في حواشى ل "أظن المعنى: ما أعظم الخلاف بين حالى وحال الرجال الذين يذكرهم رفاقى، وما أصعب أن أشبه نفسى بهم! ".