قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح وأبو أسامة قالا: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ما ترك أبو بكر دينارًا ولا درهمًا ضَرَبَ الله سِكّتَه.
قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح وعبد الله بن نُمير ويَعْلى بن عُبيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله البَهيّ مولى الزُّبير عن عائشة قالت: لمّا حُضِرَ أبو بكر قلتُ كلمةً من قول حاتم:
لَعمرُكَ ما يُغنى الثراءُ عن الفَتى … إذا حشرَجتْ يوْمًا وضاقَ بها الصدرُ
فقال: لا تقولى هكذا يا بُنيّة ولكن قولى: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[سورة ق: ١٩]، انْظُروا مُلاءَتَيّ هاتَيْنِ فإذا مِتّ فاغسِلوهما وكفّنونى فيهما فإنّ الحيّ أحْوج إلى الجديد من الميّت.
قالَ: أخبرنا يَعْلى ومحمّد ابنا عُبيد قالا: أخبرنا موسى الجُهَنى عن أبي بكر بن حفص بن عمر قال: جاءت عائشة إلى أبى بكر وهو يعالج ما يُعالجُ الميّتُ ونفَسُه في صدره فتمثّلتْ هذا البيت:
لعمرُك ما يُغْنى الثراءُ عن الفَتى … إذا حشرَجتْ يومًا وضاق بها الصدرُ
فنظر إليها كالغضبان ثمّ قال: ليس كذاك يا أمّ المؤمنين ولكن {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ}[سورة ق: ١٩]، إني قد كنتُ نَحَلْتُكِ حائطًا وإنّ في نفسى منه شيئًا فرُدّيه إلى الميراث، قالت: نعم فرددتُه، فقال: أما إنّا منذ وَلِينا أمر المسلمين لم نأكل لهم دينارًا ولا درهمًا ولكنّا قد أكلنا من جَريشِ طعامهم في بطوننا ولبسنا من خَشِنِ ثيابهم على ظهورنا وليس عندنا من فيءِ المسلمين قليلٌ ولا كثيرٌ إلّا هذا العبدَ الحبَشيّ وهذا البعير الناضح وجَرْدَ هذه القطيفة فإذا مِتّ فابْعثي بهنّ إلى عمر وابْرَئى منهنّ. ففعلتُ (١).
فلمّا جاء الرسول عمرَ بكى حتَّى جعلت دموعه تسيل في الأرض ويقول: رحم الله أبا بكر لقد أتْعَبَ من بعده، رحم الله أبا بكر لقد أتعب من بعده، يا غلام ارفعهنّ. فقال عبد الرّحمن بن عوف: سبحان الله تَسْلُبُ عيالَ أبي بكر