قَدْ سَاقَ مَعَهُ هَدْيًا، فَيَكُونَ عَلَى إِحْرَامِهِ. وَلَوْ سَاقَ الْمُتَمَتِّعُ هَدْيًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِالْبَطْحَاءِ، ثُمَّ قَالَ: مَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَجْعَلَهَا عُمْرَةً فَلْيَجْعَلْهَا» ، وَاحْتَجَّ الْمُخَالِفُ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] وَرَدَّ بِأَنَّ الْفَسْخَ: نَقْلُهُ إِلَى غَيْرِهِ لَا إِبْطَالُهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَلَوْ سُلِّمَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ مَسْأَلَتِنَا، قَالَهُ الْقَاضِي، وَمَحِلُّهُ إِذَا اعْتَقَدَ فِعْلَ الْحَجِّ مِنْ عَامِهِ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ لَا بُدَّ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ مِنْ عَامِهِ لِيَسْتَفِيدَ فضيلة التَّمَتُّعَ، وَلِأَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ فَلَا يُؤَخِّرُهُ لَوْ لَمْ يُحْرِمْ فَكَيْفَ وَقَدْ أَحْرَمَ، وَشَرَطَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَصَاحِبُ " الْوَجِيزِ " إِذَا طَافَا وَسَعَيَا، وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ: يَجْعَلُهَا عُمْرَةً إِذَا طَافَ وَسَعَى، وَلَا يَجْعَلُهَا، وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ لِمَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ قَالَ لِأَبِي مُوسَى: طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ثُمَّ حِلَّ» فَعَلَى هَذَا يَنْوِيَانِ بِإِحْرَامِهَا ذَلِكَ عُمْرَةً مُفْرَدَةً، فَإِذَا فَرَغَا مِنْهَا، وَحَلَّا مِنْهَا أَحْرَمَا بِالْحَجِّ لِيَصِيرَا مُتِمَّيْنِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ فَسَخَ قَبْلَهُ، وَاسْتَأْنَفَ عُمْرَةً لَعَرِيَ الْإِحْرَامُ الْأَوَّلُ عَنْ نُسُكٍ، قَالَهُ الْقَاضِي. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ يَجُوزُ فَيَنْوِي إِحْرَامَهُ بِالْحَجِّ عُمْرَةً، وَخَبَرُ أَبِي مُوسَى أَرَادَ أَنَّ الْحِلَّ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِمَا، وَلَيْسَ فِيهِ الْمَنْعُ مِنْ قَلْبِ النِّيَّةِ، وَكَلَامُ ابْنِ الْمَنْجَا يُوَافِقُهُ؛ لِأَنَّ " إِذا " ظَرْفٌ فَيَكُونُ الْمُرَادُ أَحْبَبْنَا أَنْ يُفْسَخَ وَقْتَ طَوَافِهِ أَيْ: وَقْتَ جَوَازِهِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ يُعَضِّدُهُ، وَهَذَا مَا لَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، فَإِنَّ مَنْ وَقَفَ بِهَا أَتَى بِمُعْظَمِ الْعِبَادَةِ، وَأَمِنَ فَوْتَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَتَرَكَهُ الْمُؤَلِّفُ وُضُوحه (إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَاقَ مَعَهُ هَدْيًا فَيَكُونَ عَلَى إِحْرَامِهِ) لِلنَّصِّ وَلِلْأَخْبَارِ، وَكَامْتِنَاعِهِ فِي زَمَنِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، (وَلَوْ سَاقَ الْمُتَمَتِّعُ هَدْيًا، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَحِلَّ) «لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: تَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - – بالعمرة إِلَى الْحَجِّ فَقَالَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حُرِّمَ عَلَيْهِ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ» فَعَلَى هَذَا: يُحْرِمُ بِالْحَجِّ إِذَا طَافَ، وَسَعَى لِعُمْرَتِهِ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ بِالْحَلْقِ، فَإِذَا ذَبَحَهُ يَوْمَ النَّحْرِ حَلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا، نَصَّ عَلَيْهِ، «وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - دَخَلَ فِي الْعَشْرِ، وَلَمْ يَحِلَّ» ، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ فِيمَنْ يَعْتَمِرُ قَارِنًا أَوْ مُتَمَتِّعًا، وَمَعَهُ هَدْيٌ لَهُ أَنْ يَقُصَّ مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ خَاصَّةً «لِقَوْلِ مُعَاوِيَةَ قَصَّرْتُ مِنْ شَعْرِ رَأْسِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ الْمَرْوَةِ بِمِقَصٍّ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute