الْمَسَافَةِ وَالْغَايَةِ وَمَدَى الرَّمْيِ فِي الْمُسَابَقَةِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ.
الرَّابِعُ: كَوْنُ الْعِوَضِ مَعْلُومًا.
الْخَامِسُ: الْخُرُوجُ عَنْ شُبْهَةِ الْقِمَارِ بِأَنْ لَا يَخْرُجَ جَمِيعُهُمْ، فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنَ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِهِمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ أَخْذَهُ جَازَ، وَإِنْ جَاءَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا، وَإِنْ سَبَقَ الْمُخْرِجُ أَحْرَزَ سَبْقَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْآخَرِ شَيْئًا، وَإِنْ سَبَقَ الْآخَرُ أَحْرَزَ سَبْقَ صَاحِبِهِ، فَإِنْ أَخْرَجَا مَعًا لَمْ يَجُزْ إِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِغَيْرِ غَايَةٍ لِيُنْظَرَ أَيُّهُمَا يَقِفُ أَوَّلًا لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا لَوْ جَعَلَا مَسَافَةً بَعِيدَةً فِي الرَّمْيِ تَتَعَذَّرُ الْإِصَابَةُ فِي مَثَلِهَا غَالِبًا، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى ثَلَاثِمِائَةِ ذِرَاعٍ ; لِأَنَّ الْغَرَضَ يَفُوتُ بِذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ مَا رَمَى فِي أَرْبَعِمِائَةِ ذِرَاعٍ إِلَّا عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْجُهَنِيُّ، وَهَلِ الْمُرَادُ بِهِ ذِرَاعُ الْيَدِ أَمْ غَيْرُهُ؟ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا.
[الشَّرْطُ الرَّابِعُ كَوْنُ الْعِوَضِ مَعْلُومًا]
(الرَّابِعُ: كَوْنُ الْعِوَضِ مَعْلُومًا) بِالْمُشَاهَدَةِ، أَوْ بِالْقَدْرِ، أَوْ بِالصِّفَةِ ; لِأَنَّهُ مَالٌ فِي عَقْدٍ، فَاشْتُرِطَ الْعِلْمُ بِهِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ، وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُبَاحًا، وَيَجُوزُ حَالًّا، وَمُؤَجَّلًا، وَبَعْضُهُ كَقَوْلِهِ: إِنْ فَضَلْتَنِي فَلَكَ دِينَارٌ، وَقَفِيزُ حِنْطَةٍ بَعْدَ شَهْرٍ كَالْبَيْعِ غَيْرَ أَنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَى صِفَةِ الْحِنْطَةِ بِمَا يُعْلَمُ بِهِ السَّلَمُ، وَهَذَا الْعَوضُ تَمْلِيكٌ بِشَرْطِ سَبْقِهِ.
[الشَّرْطُ الْخَامِسُ الْخُرُوجُ عَنْ شُبْهَةِ الْقِمَارِ]
(الْخَامِسُ: الْخُرُوجُ عَنْ شُبْهَةِ الْقِمَارِ) لِأَنَّ الْقِمَارَ مُحَرَّمٌ، فَشَبَهُهُ مِثْلُهُ (بِأَنْ لَا يَخْرُجَ جَمِيعُهُمْ) لِأَنَّهُ إِذَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَهُوَ قِمَارٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَغْنَمَ أَوْ يَغْرَمَ. وَمَنْ لَمْ يُخْرِجْ بَقِيَ سَالِمًا مِنَ الْغُرْمِ (فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنَ الْإِمَامِ) صَحَّ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ مَالِهِ، أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ; لِأَنَّ فِيهِ مَصْلَحَةً، وَحَثًّا عَلَى تَعْلِيمِ الْجِهَادِ، وَنَفْعًا لِلْمُسْلِمِينَ، وَنَصَّ عَلَى أَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِهِ لِتَوَلِّيهِ الْوِلَايَاتِ (أَوْ مِنْ أَحَدٍ غَيْرِهِمَا، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَقَ أَخَذَهُ جَازَ) لِأَنَّهُ إِذَا جَازَ مِنْ غَيْرِهِمَا، فَلَأَنْ يَجُوزَ مِنْ أَحَدِهِمَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَيُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْإِمَامِ بَذْلُ الْعِوَضِ مِنْ مَالِهِ، فَيَقُولُ: إِنْ سَبَقَتْنِي، فَلَكَ عَشَرَةٌ، وَإِنْ سَبَقْتُكَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْكَ (وَإِنْ جَاءَا مَعًا فَلَا شَيْءَ لَهُمَا) لِأَنَّهُ لَا سَابِقَ فِيهِمَا (وَإِنْ سَبَقَ الْمُخْرِجُ أَحْرَزَ سَبْقَهُ) أَيْ سَبْقَ نَفْسِهِ (وَلَمْ يَأْخُذْ مِنَ الْآخَرِ شَيْئًا) لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا كَانَ قِمَارًا (وَإِنْ سَبَقَ الْآخَرُ أَحْرَزَ سَبْقَ صَاحِبِهِ) أَيْ سَبْقَ الْمُخْرِجِ ; لِأَنَّهُ سَبَقَهُ، فَمَلَكَ الْمَالَ الَّذِي جَعَلَهُ عِوَضًا فِي الْجُعَالَةِ كَالْعِوَضِ الْمَجْعُولِ فِي رَدِّ الضَّالَّةِ، فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ دَيْنٌ يُقْضي بِهِ عَلَيْهِ، وَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ إِنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ أَفْلَسَ ضُرِبَ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute