فصل
وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ، وأَنْ يُوَلِّيَهُ خَاصًّا فِي أَحَدِهِمَا،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مَنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ، فَلَمْ يَجُزْ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ كَالصَّلَاةِ، فَأَمَّا الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ، فَإِنَّ عُمَرَ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِقَاضِي الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَأْخُذَ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا.
قَالَ فِي الْمُغْنِي: لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ وَلَا يَعْمَلُهُ الْإِنْسَانُ عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ عَنْ نَفْسِهِ كَالصَّلَاةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِزْقٌ وَلَيْسَ لَهُ مَا يَكْفِيهِ وَقَالَ لِلْخَصْمَيْنِ: لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا حَتَّى تَجْعَلَا لِي جَعْلًا، جَازَ. وَقِيلَ: لَا.
تَنْبِيهٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلَّدَ الْقَضَاءُ لِوَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ، لَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحُكْمِ بِالْحَقِّ، وَالْحَقُّ لَا يَتَعَيَّنُ فِي مَذْهَبٍ بِعَيْنِهِ.
وَفِي فَسَادِ التَّوْلِيَةِ وَجْهَانِ، كَالشَّرْطِ الْفَاسِدِ فِي الْبَيْعِ. وَإِنْ أَمَرَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ وَحْدَهُ صَحَّ، وَلَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِ إِمَامٍ غَيْرِهِ، وَمَذْهَبِ غَيْرِ مَنْ وَلَّاهُ إِنْ قَوِيَ عِنْدَهُ دَلِيلُهُ، وَقِيلَ: لَا. وَلِلْإِمَامِ تَوْلِيَةُ الْقَضَاءِ فِي بَلَدِهِ وَفِي غَيْرِهِ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَسْتَنِيبَ صَحَّ، وَإِنْ نَهَاهُ فَلَا، وَإِنْ أَطْلَقَ فَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَدَّمَ فِي الشَّرْحِ الْجَوَازَ. وَقِيلَ: لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا يُبَاشِرُهُ مِثْلُهُ عُرْفًا أَوْ يَشُقُّ، فَإِنِ اسْتُخْلِفَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ الِاسْتِخْلَافُ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يُولَّ. وَتَشْتَرِطُ أَهْلِيَّةُ النَّائِبِ لِمَا تَوَلَّاهُ.
[لِلْحَاكِمِ أَنْ يُوَلِّيَ الْقَاضِيَ عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ]
فَصْلٌ
(وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَهُ عُمُومَ النَّظَرِ فِي عُمُومِ الْعَمَلِ) بِأَنْ يُوَلِّيَهُ الْقَضَاءَ فِي سَائِرِ الْأَحْكَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute