فَصْلٌ
وَإِن أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ، اعْتُبِرَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ دَبَّرَهُ، وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ جَمِيعَهُ، فَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ إِلَّا مَا أَعْتَقَ، وَإِنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَوْ دَبَّرَهُ، وَثُلُثِهِ يَحْتَمِلُ بَاقِيَةُ، أُعْطِيَ الشَّرِيكُ، وَلَوْ كَانَ جَمِيعُهُ حُرًّا فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى: لَا يَعْتِقُ إِلَّا
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[إِذَا أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ اعْتُبِرَ مِنْ ثُلُثِهِ]
فَصْلٌ (وَإِنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) الْمَخُوفِ (وَلَمْ يُجِزِ الْوَرَثَةُ اعْتُبِرَ مِنْ ثُلُثِهِ) لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يُجِزْ عِتْقَ الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِينَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ، إِلَّا ثُلُثَهُمْ، وَلِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِمَالٍ، أَشْبَهَ الْهِبَةَ، وَكَالتَّدْبِيرِ، وَالْوَصِيَّةِ بِالْعِتْقِ، فَعَلَى هَذَا: مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إِنْ أَجَازَهُ الْوَارِثُ، جَازَ، وَإِنْ رَدَّهُ، بَطَلَ ; لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدِهِ فِي مَرَضِهِ أَوْ دَبَّرَهُ) بِأَنْ قَالَ: إِذَا مُتُّ، فَنِصْفُ عَبْدِي حُرٌّ، ثُمَّ مَاتَ (وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ جَمِيعَهُ) عَلَى الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ ; لِأَنَّهُ يَزُولُ التَّدْبِيرُ كَالْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ ; لِأَنَّهُ إِعْتَاقٌ لِبَعْضِ عَبْدِهِ (فَيُعْتَقُ جَمِيعُهُ) كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ فِي حَيَاتِهِ، وَشَرْطُهُ كَمَا ذَكَرَهُ: أَنْ يَكُونَ ثُلُثُ الْمَرِيضِ يَحْتَمِلُهُ ; لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْمَرِيضِ بِالْمُبَاشِرَةِ فِي الزَّائِدِ عَنِ الثُّلُثِ لَا يَصِحُّ، فَلِأَنْ لَا يَسْرِي فِيهِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ سَيِّدِهِ، عَتَقَ بِقَدْرِ ثُلُثِهِ (وَعَنْهُ: لَا يُعْتَقُ إِلَّا مَا أَعْتَقَ) لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ جَوَازَ الْبَيْعِ، فَلَمْ يَسْرِ كَتَعْلِيقِهِ بِالصِّفَةِ فِي الْحَيَاةِ.
فَرْعٌ: إِذَا دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ، صَحَّ، وَلَمْ يَلْزَمْهُ لِشَرِيكِهِ فِي الْحَالِ شَيْءٌ، فَإِذَا مَاتَ، عَتَقَ الْجُزْءُ الْمُدَبَّرُ، إِذَا خَرَجَ مِنْ ثُلُثِهِ، وَفِي سِرَايَتِهِ فِي نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْخِلَافُ.
(وَإِنْ أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَوْ دَبَّرَهُ وَثُلُثُهُ يَحْتَمِلُ بَاقِيَهُ، أُعْطِيَ الشَّرِيكُ) أَيْ: قِيمَةَ بَاقِيهِ بِتَقْدِيرِ الْحُكْمِ بِالْحُرِّيَّةِ، لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «وَأَعْطَى شُرَكَاءَهُ حِصَصَهُمْ» (وَلَوْ كَانَ جَمِيعُهُ حُرًّا، فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) وَيُعْطَى الشَّرِيكُ قِيمَةَ نَصِيبِهِ مِنَ الثُّلُثِ ; لِأَنَّ مِلْكَ الْمُعْتِقُ لِثُلُثِ الْمَالِ تَامُّ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالتَّبَرُّعِ، فَهُوَ كَمَالُ الصَّحِيحِ الْمُوسِرِ (وَالْأُخْرَى: لَا يَعْتِقُ إِلَّا مَا مَلَكَ مِنْهُ) أَيْ: حِصَّتَهُ فَقَطْ ; لِأَنَّ مِلْكَهُ يَزُولُ إِلَى وَرَثَتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute