للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وَإِنْ أَقَرَّ إِنْسَانٌ أَنَّهُ وَلَدَهُ أُلْحِقَ بِهِ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً، حَيًّا كَانَ الْمُلْتَقِطُ أَوْ مَيِّتًا، وَلَا يَتْبَعُ الْكَافِرَ فِي دِينِهِ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ أَنَّهُ وُلِدَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَالَ أَحْمَدُ فِي نَصْرَانِيَّةٍ وَلَدَتْ مِنْ فُجُورٍ: وَلَدُهَا مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّ أَبَوَيْهِ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، وَهَذَا لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا أُمُّهُ.

[فَصْلٌ: أَقَرَّ إِنْسَانٌ أَنَّ اللَّقِيطَ وَلَدَهُ]

فَصْلٌ (وَإِنْ أَقَرَّ إِنْسَانٌ أَنَّهُ وَلَدُهُ أُلْحِقَ بِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِهِ مَحْضُ مَصْلَحَةِ الطِّفْلِ؛ لِاتِّصَالِ نَسَبِهِ، وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى غَيْرِهِ فِيهِ، فَقُبِلَ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِدَعْوَتِهِ، وَأَنْ يُمْكِنَ كَوْنُهُ مِنْهُ، ثُمَّ إِنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِهِ مُلْتَقِطُهُ أُقِرَّ فِي يَدِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ فَلَهُ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنَ الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ أَبُوهُ فَيَكُونُ أَحَقَّ بِهِ، كَمَا لَوْ قَامَتْ بِهِ بَيِّنَةٌ، (مُسْلِمًا كَانَ) الْمُدَّعِي (أَوْ كَافِرًا) ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ يَثْبُتُ لَهُ النِّكَاحُ وَالْفِرَاشُ فَيُلْحَقُ بِهِ كَالْمُسْلِمِ حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا؛ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً، فَيُلْحَقُ بِهِ كَالْحُرِّ، لَكِنْ لَا تَثْبُتُ لَهُ حَضَانَةٌ، وَلَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الطِّفْلَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ، فَعَلَى هَذَا تَجِبُ فِي بَيْتِ الْمَالِ (رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً) عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ أَحَدُ الْأَبَوَيْنِ، فَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِدَعْوَاهَا كَالْأَبِ، وَإِذَنْ يَلْحَقُهَا نَسَبُهُ دُونَ زَوْجِهَا، وَكَذَا إِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ نَسَبَهُ لَمْ يُلْحَقْ بِزَوْجَتِهِ.

وَقِيلَ: لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِدَعْوَتِهَا بِحَالٍ، وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، إِجْمَاعُ مَنْ يَحْفَظُهُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَجَوَابُهُ بِأَنَّهَا تَدَّعِي حَقًّا لَا مُنَازِعَ فِيهِ، وَلَا مَضَرَّةَ عَلَى أَحَدٍ فَقُبِلَ كَدَعْوَى الْمَالِ (حَيًّا كَانَ الْمُلْتَقَطُ أَوْ مَيِّتًا) ؛ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ مَعْنًى، فَوَجَبَ اسْتِوَاؤُهُمَا حُكْمًا (وَلَا يَتْبَعُ الْكَافِرَ فِي دِينِهِ إِلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ) ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ بِظَاهِرِ الدَّارِ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَافِرِ فِي كُفْرِهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ كَمَا لَوْ كَانَ مَعْرُوفَ النَّسَبِ؛ وَلِأَنَّهَا دَعْوَى تَخَالُفِ الظَّاهِرَ فَلَمْ تُقْبَلْ بِمُجَرَّدِهَا كَدَعْوَى الرِّقِّ، وَإِذَا قُبِلَ فِي النَّسَبِ لِعَدَمِ الضَّرَرِ وَالْكُفْرِ بِخِلَافِهِ فَإِنَّ فِيهِ ضَرَرًا عَظِيمًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِذَا أَقَامَ بَيِّنَةً بِمَا ذُكِرَ لَحِقَهُ نَسَبًا وَدِينًا؛ لِتَحَقُّقِ الْوِلَادَةِ، وَالْوَلَدُ الْمُحَقَّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>