لِإِسْقَاطِهَا
وَلَا تَثْبُتُ إِلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا، وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا انْتَقَلَ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِحَالٍ، وَلَا فِيمَا عِوَضُهُ غَيْرُ الْمَالِ كَالصَّدَاقِ، وَعِوَضِ الْخُلْعِ، وَالصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(وَهِيَ اسْتِحْقَاقُ الْإِنْسَانِ انْتِزَاعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهَا) هَذَا بَيَانٌ لِمَعْنَاهَا، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِرَازِ، لَكِنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ الصُّلْحِ بِمَعْنَى الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الثَّوَابِ، وَلَا مَانِعَ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِ الْكَافِرُ، وَلَا شُفْعَةَ لَهُ، وَفِي " الْمُغْنِي " اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ انْتِزَاعَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْمُنْتَقِلَةِ عَنْهُ مِنْ يَدِ مَنِ انْتَقَلَتْ إِلَيْهِ وَهُوَ غَيْرُ مَانِعٍ لِدُخُولِ مَا انْتَقَلَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَالْإِرْثِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالْهِبَةِ بِغَيْرِ ثَوَابٍ، أَوْ بِعِوَضٍ غَيْرِ مَالِيٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ كَالْخَلْعِ وَنَحْوِهِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: هِيَ اسْتِحْقَاقُ الشَّرِيكِ أَخْذَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ مِنْ يَدِ مَنِ انْتَقَلَتْ عَنْهُ بِعِوَضٍ مَالِيٍّ مُسْتَقِرٍّ (وَلَا يَحِلُّ الِاحْتِيَالُ لِإِسْقَاطِهَا) قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنَ الْحِيَلِ فِي إِبْطَالِهَا، وَلَا إِبْطَالُ حَقِّ مُسْلِمٍ، اسْتَدَلَّ الْأَصْحَابُ بِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا تَرْتَكِبُوا مَا ارْتَكَبَتِ الْيَهُودُ، فَتَسْتَحِلُّوا مَحَارِمَ اللَّهِ» ، وَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ الْحِيَلَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ، وَلِأَنَّ الشُّفْعَةَ وُضِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، فَلَوْ سَقَطَتْ بِالْحِيَلِ، لَلَحِقَ الضَّرَرُ؛ فَلَمْ تَسْقُطْ كَمَا لَوْ أَسْقَطَهَا الْمُشْتَرِي عَنْهُ بِوَقْفٍ، أَوْ بَيْعٍ، فَعَلَى هَذَا لَوِ احْتَالَ لَمْ يَسْقُطْ، وَمَعْنَى الْحِيلَةِ أَنْ يُظْهِرَ الْمُتَعَاقِدَانِ فِي الْبَيْعِ شَيْئًا لَا يُؤْخَذُ بِالشُّفْعَةِ مَعَهُ، وَيَتَوَاطَئُونَ فِي الْبَاطِنِ عَلَى خِلَافِهِ، مِثْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِدَنَانِيرَ، وَيَقْضِيَهُ عَنْهَا بِدَرَاهِمَ، أَوْ يَشْتَرِيَ شِقْصًا بِثَمَنٍ ثُمَّ يُبَرِّئُهُ مِنْ بَعْضِهِ، أَوْ يَشْتَرِيَ جُزْءًا مِنَ الشِّقْصِ بِمِائَةٍ ثُمَّ يَهَبَ الْبَائِعُ بَاقِيَهُ، وَيَأْخُذُ الْجُزْءَ الْمَبِيعَ مِنَ الشِّقْصِ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ كُلَّهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.
[شُرُوطُ ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ]
[الشَّرْطُ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا]
(وَلَا تَثْبُتُ إِلَّا بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ مَبِيعًا) وَهُوَ مَحَلُّ وِفَاقٍ، وَالْخَبَرُ وَارِدٌ فِيهِ وَلِأَنَّ غَيْرَ الْمَبِيعِ لَيْسَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، وَلَا هُوَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ، وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا. وَقِيلَ: وَلَوْ مَعَ خِيَارِ مَجْلِسٍ وَشَرْطٍ، وَقِيلَ: شَرْطٌ كَمُشْتَرٍ (وَلَا شُفْعَةَ فِيمَا انْتَقَلَ بِغَيْرِ عِوَضٍ) كَالْهِبَةِ بِغَيْرِ ثَوَابٍ وَالصَّدَقَةِ، وَالْوَصِيَّةِ، وَالْإِرْثِ (بِحَالٍ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْبَيْعِ، وَالْأَخْذُ يَقْتَضِي دَفْعَ الْعِوَضِ، وَلَمْ يَقْصِدْ فِيهَا الْمُعَاوَضَةَ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْمَرْدُودُ بِالْعَيْبِ، أَوِ الْفَسْخِ (وَلَا فِيمَا عِوَضُهُ غَيْرُ الْمَالِ كَالصَّدَاقِ، وَعِوَضِ الْخُلْعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute