للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأُجْرَةِ أَوْ مَا شَرَطَ لَهُ مِنَ الرِّبْحِ

وَإِنْ شَرَطَا تَأْقِيتَ الْمُضَارَبَةِ فَهَلْ تَفْسَدُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَإِنْ قَالَ: بِعْ هَذَا الْعَرَضَ وَضَارِبْ بِثَمَنِهِ، أَوِ اقْبِضْ وَدِيعَتِي وَضَارِبْ بِهَا، وَإِذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَضَارَبَ بِهَذَا صَحَّ، وَإِنْ قَالَ: ضَارِبْ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْكَ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

ذَلِكَ مَعَ فَسَادِهَا، وَرُدَّ بِأَنَّ كَلَامَهُ مَحْمُولٌ عَلَى صِحَّةِ الشَّرِكَةِ بِالْعُرُوضِ، وَالتَّصَرُّفُ فِيهَا صَحِيحٌ مُسْتَنِدًا إِلَى الْإِذْنِ كَالْوَكِيلِ لَا يُقَالُ لَوِ اشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا ثُمَّ تَصَرَّفَ فِيهِ لَمْ يَنْفُذْ مَعَ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ ; لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَتَصَرَّفُ مِنْ جِهَةِ الْمِلْكِ لَا بِالْإِذْنِ.

[شَرَطَا تَأْقِيتَ الْمُضَارَبَةِ]

(وَإِنْ شَرَطَا تَأْقِيتَ الْمُضَارَبَةِ) بِأَنْ يَقُولَ: ضَارَبْتُكَ عَلَى هَذِهِ الدَّرَاهِمِ سَنَةً، فَإِذَا مَضَتْ فَلَا تَبِعْ، وَلَا تَشْتَرِ (فَهَلْ تَفْسَدُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) أَصَحُّهُمَا الصِّحَّةُ.

قَالَ مُهَنَّا: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ رَجُلٍ أَعْطَى آخَرَ أَلْفًا مُضَارَبَةً شَهْرًا، فَإِذَا مَضَى يَكُونُ قَرْضًا؟ قَالَ: فَإِنْ جَاءَ الشَّهْرُ وَهُوَ مَتَاعٌ؟ قَالَ: إِذَا بَاعَ الْمَتَاعَ يَكُونُ قَرْضًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ غَرَضٌ، وَالثَّانِيَةُ: لَا تَصِحُّ، وَهِيَ اخْتِيَارُ أَبِي حَفْصٍ الْعُكْبَرِيِّ ; لِأَنَّهُ عَقْدٌ يَقَعُ مُطْلَقًا، فَإِذَا شَرَطَ قَطْعَهُ لَمْ يَصِحَّ كَالنِّكَاحِ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَلَا مَصْلَحَتِهِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ تَصَرَّفٌ يُتَوَقَّفُ بِنَوْعٍ مِنَ الْمَتَاعِ، فَجَازَ تَوْقِيتُهُ بِالزَّمَانِ كَالْوِكَالَةِ (وَإِنْ قَالَ: بِعْ هَذَا الْعَرَضَ وَضَارِبْ بِثَمَنِهِ) صَحَّ ; لِأَنَّهُ وَكِيلٌ فِي بَيْعِ الْعَرَضِ، وَإِذَا بَاعَهُ صَارَ الثَّمَنُ فِي يَدِهِ أَمَانَةً أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَ الْمَالُ عِنْدَهُ وَدِيعَةً (أَوِ اقْبِضْ وَدِيعَتِي وَضَارِبْ بِهَا) ; لِأَنَّهُ وَكَيْلٌ فِي قَبْضِ الْوَدِيعَةِ، وَمَأْذُونٌ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ مُؤْتَمَنًا عَلَيْهِ، فَجَازَ جَعْلُهُ مُضَارَبَةً، كَمَا لَوْ قَالَ: اقْبِضْهُ مِنْ غُلَامِي، وَضَارِبْ بِهِ، وَكَمَا لَوْ كَانَ فِي يَدِ إِنْسَانٍ وَدِيعَةٌ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهَا: ضَارِبْ بِهَا (وَإِذَا قَدِمَ الْحَاجُّ فَضَارَبَ بِهَذَا صَحَّ) لِأَنَّهُ إِذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ، فَجَازِ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَقْبَلٍ كَالْوَكَالَةِ.

فَرْعٌ: إِذَا قَالَ: ضَارِبْ بِعَيْنِ الْمَالِ الَّذِي غَصَبْتَهُ مِنِّي صَحَّ كَالْوَدِيعَةِ، فَإِذَا ضَارَبَ بِهِ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>