فَصْلٌ وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا، فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا فِي غَيْرِهِ، مِثْلَ أَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا، فَأَكَلَ زُبْدًا، أَوْ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا، فَأَكَلَ خَبِيصًا فِيهِ سَمْنٌ لَا يَظْهَرُ فِيهِ طَعْمُهُ، أَوْ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا، فَأَكَلَ نَاطِفًا، أَوْ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا، فَأَكَلَ اللَّحْمَ الْأَحْمَرَ، أَوْ لَا يَأْكُلُ شَعِيرًا، فَأَكَلَ حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ، لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ ظَهَرَ طَعْمُ السَّمْنِ، أَوْ طَعْمُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَالْفُرُوعِ، لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ فِي الْعُرْفِ، لِأَنَّ السَّوْطَ هُنَا آلَةٌ أُقِيمَتْ مَقَامَ الْمَصْدَرِ، وَانْتَصَبَ انْتِصَابَهُ، لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِهِ: لَأَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ ضَرْبَةٍ بِسَوْطٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ يَمِينِهِ وَالَّذِي يَقْتَضِيهِ لُغَةً، فَلَا يَبِرُّ بِمَا يُخَالِفُ ذَلِكَ، وَعَنْهُ: يَبِرُّ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، لِقَوْلِ أَحْمَدَ فِي الْمَرِيضِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَدُّ: يُضْرَبُ بِعُثْكَالِ النَّخْلِ، يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ، وَكَحَلِفِهِ لَيَضْرِبَنَّهُ بِمِائَةٍ، وَأَجَابَ فِي الشَّرْحِ عَنْ قِصَّةِ أَيُّوبَ بِأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَوْ كَانَ عَامًّا لَمَا خُصَّ بِالْمِنَّةِ عَلَيْهِ، وَعَنِ الْمَرِيضِ الْمَجْلُودِ، بِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَتَعَدَّ هَذَا الْحُكْمَ فِي الْحَدِّ الَّذِي وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ، فَلَأَنْ لَا يَتَعَدَّى إِلَى الْيَمِينِ أَوْلَى.
فَرْعٌ: إِذَا حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ بِعَشَرَةِ أَسْوَاطٍ فَجَمَعَهَا فَضَرَبَهُ بِهَا بَرَّ.
وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَمْ يَبِرَّ بِضَرْبِهِ عَشَرَةَ أَسْوَاطٍ دُفْعَةً وَاحِدَةً بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَكَذَا إِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ عَشْرَ ضَرَبَاتٍ.
[حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا فِي غَيْرِهِ]
فَصْلٌ (وَإِنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَيْئًا، فَأَكَلَهُ مُسْتَهْلَكًا فِي غَيْرِهِ، مِثْلَ أَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا، فَأَكَلَ زُبْدًا، أَوْ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا، فَأَكَلَ خَبِيصًا فِيهِ سَمْنٌ لَا يَظْهَرُ فِيهِ طَعْمُهُ، أَوْ لَا يَأْكُلُ بَيْضًا، فَأَكَلَ نَاطِفًا، أَوْ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا، فَأَكَلَ اللَّحْمَ الْأَحْمَرَ، أَوْ لَا يَأْكُلُ شَعِيرًا، فَأَكَلَ حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ، لَمْ يَحْنَثْ) قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي فِي اللَّحْمِ الْأَحْمَرِ، وَصَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، لِأَنَّ الْمُسْتَهْلَكَ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الَّذِي حُلِفَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَحْنَثْ بِأَكْلِ الْمُسْتَهْلَكِ فِيهِ، كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا، فَأَكَلَ تَمْرًا، وَلِأَنَّ الْمُسْتَهْلَكَ فِي الشَّيْءِ يَصِيرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَالظَّاهِرُ مِنَ الْحَالِفِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ إِنَّمَا حَلَفَ لِمَعْنًى في
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute