شِرَاؤُهُمْ، وَإِنْ خَافَ نَقْضَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ؛ نَبَذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ.
بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا إِلَّا لِأَهْلِ الْكِتَابِ، وَهُمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، وَمَنْ يُوَافِقُهُمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
أَسَرُوهُمْ، وَأَخَذُوا مَالَهُمْ، وَاسْتَنْقَذُوا ذَلِكَ مِنْهُمْ، لَمْ يَلْزَمْهُ رَدٌّ، عَلَى الثَّانِي لَا الْأَوَّلِ. وَيَجُوزُ لَنَا شِرَاءُ وَلَدِهِمْ وَأَهْلِهِمْ مِنْهُ إِذَا بَاعَهُ كَحَرْبِيٍّ، وَعَنْهُ: يَحْرُمُ كَذِمَّةٍ؛ وَلِأَنَّهُمْ فِي أَمَانٍ مِنَّا، وَكَمَا لَوْ سَبَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَبَاعَهُ مِنَّا بِخِلَافِ مَا إِذَا سَبَى بَعْضُهُمْ وَلَدَ بَعْضٍ، وَبَاعَهُ، فَإِنَّهُ يَصِحُّ.
(وَإِنْ خَافَ نَقْضَ الْعَهْدِ مِنْهُمْ، نَبَذَ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ) بِخِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَيَقُولُ لَهُمْ: قَدْ نَبَذْتُ عَهْدَكُمْ، وَعُدْتُمْ حَرْبًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} [الأنفال: ٥٨] . يَعْنِي: أَعْلَمَهُمْ بِنَقْضِ الْعَهْدِ حَتَّى تَصِيرَ أَنْتَ وَهُمْ سَوَاءً فِي الْعِلْمِ، وَيَجِبُ إِعْلَامُهُمْ قَبْلَ الْإِغَارَةِ. وَفِي " التَّرْغِيبِ ": إِنْ صَدَرَ مِنْهُمْ خِيَانَةٌ، فَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهَا خِيَانَةٌ أَغَظْنَاهُمْ؛ وَإِلَّا فَوَجْهَانِ: فَلَوْ نَقَضَهُ وَفِي دَارِنَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَجَبَ رَدُّهُ إِلَى مَأْمَنِهِ، لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا بِأَمَانٍ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِمْ حَقٌّ اسْتُوفِيَ؛ وَيُنْتَقَضُ عَهْدُ نِسَاءٍ وَذُرِّيَّةٍ تَبَعًا لَهُمْ. وَفِي جَوَازِ قَتْلِ رَهَائِنِهِمْ بِقَتْلِهِمْ رَهَائِنَنَا رِوَايَتَانِ.
[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ]
[حُكْمُ عقد الذمة]
بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ. قَالَ: أَبُو عُبَيْدٍ: الذِّمَّةُ: الْأَمَانُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ» وَالذِّمَّةُ: الضَّمَانُ وَالْعَهْدُ، مِنْ: أَذَمَّهُ يَذُمُّهُ: إِذَا جَعَلَ لَهُ عَهْدًا.
وَمَعْنَى عَقْدِ الذِّمَّةِ: إِقْرَارُ بَعْضِ الْكُفَّارِ عَلَى كُفْرِهِ بِشَرْطِ بَذْلِ الْجِزْيَةِ، وَالْتِزَامِ أَحْكَامِ الْمِلَّةِ.
(لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا إِلَّا) مِنَ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ فِي الْأَشْهَرِ، وَحِينَئِذٍ يَجِبُ عَقْدُهَا إِذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهَا مَا لَمْ يَخَفْ غَائِلَةً مِنْهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute