للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدِّيَةِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْجَانِي حَالًّا، إِلَّا غُرَّةَ الْجَنِينِ إِذَا مَاتَ مَعَ أُمِّهِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُهَا مَعَ دِيَةِ أُمِّهِ، وَإِنْ مَاتَا مُنْفَرِدَيْنِ لَمْ تَحْمِلْهَا الْعَاقِلَةُ، لِنَقْصِهَا عَنِ الثُّلْثِ، وَتَحْمِلُ جِنَايَةَ الْخَطَأِ عَلَى الْحُرِّ إِذَا بَلَغَتِ الثُّلْثَ.

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا تَحْمِلُ شِبْهَ الْعَمْدِ، وَيَكُونُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَقَالَ الْخِرَقِيُّ: تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ.

وَمَا يَحْمِلُهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَحْمِلُ شَيْئًا حَتَّى يَبْلُغَ عَقْلَ الْمَأْمُومَةِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الضَّمَانِ عَلَى الْجَانِي، لِأَنَّهُ هُوَ الْمُتْلِفُ، فَكَانَ عَلَيْهِ كَسَائِرِ الْمَتْلَفَاتِ، لَكِنْ خُولِفَ فِي الثُّلْثِ لِإِجْحَافِهِ بِالْجَانِي لِكَثْرَتِهِ، فَمَا عَدَاهُ يَبْقَى عَلَى الْأَصْلِ، وَالثُّلْثُ حَدُّ الْكَثِيرِ لِلْخَبَرِ (وَيَكُونُ ذَلِكَ) أَيْ: دِيَةُ الْعَمْدِ وَمَا بَعْدَهُ (فِي مَالِ الْجَانِي) لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ مُقْتَضَى الْأَصْلِ وُجُوبُ الْجِنَايَةِ عَلَى الْجَانِي (حَالًّا) لِأَنَّهُ بَدَلُ مُتْلَفٍ، فَكَانَ حَالًّا كَقِيمَةِ الْمُتْلَفِ مِنَ الْمَتَاعِ (إِلَّا غِرَّةَ الْجَنِينِ إِذَا مَاتَ مَعَ أُمِّهِ، فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُهَا مَعَ دِيَةِ أُمِّهِ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّ دِيَتَهُمَا وَجَبَتْ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ، مَعَ زِيَادَتِهَا عَلَى الثُّلْثِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ سَبَقَتْهُ بِالزُّهُوقِ أَوْ سَبَقَهَا بِهِ، لِأَنَّ الْجِنَايَةَ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّمَا تَأَخَّرَ بَعْضُ أَثَرِهَا عَنْ بَعْضٍ، وَذَلِكَ لَا يَضُرُّ، وَقَالَ أَحْمَدُ: هَذَا مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا نَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَقَالَ: الْجِنَايَةُ عَلَيْهِمَا وَاحِدَةٌ، فَقِيلَ لَهُ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ جَعَلَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا دِيَةً، فَقَدْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا، فَلَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ، وَفِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ خَبَرُ الْمَرْأَةِ الَّتِي قَتَلَتِ الْمَرْأَةَ وَجَنِينَهَا، قَالَ: فَوَجْهُ الدَّلِيلِ أَنَّهُ قَضَى بِدِيَةِ الْجَنِينِ عَلَى الْجَانِيَةِ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغُ الثُّلْثَ، وَنَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ: إِذَا شَرِبَتْ دَوَاءً عَمْدًا فَأَسْقَطَتْ جَنِينًا فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ احْتِمَالُ تَحَمُّلِ الْقَلِيلِ، وَقَدْ يُقَالُ: هَذَا مُخْتَصٌّ بِالْجَنِينِ، لِكَوْنِ دِيَتِهِ دِيَةَ نَفْسٍ، فَيَكُونُ مُنَزَّلًا مَنْزِلَةَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ، وَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلْثِ لِكَوْنِهِ دِيَةَ نَفْسٍ (وَإِنْ مَاتَا مُنْفَرِدَيْنِ) بِجِنَايَتَيْنِ صَرَّحَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ (لَمْ تَحْمِلْهَا الْعَاقِلَةُ) نَصَّ عَلَيْهِ (لِنَقْصِهَا عَنِ الثُّلْثِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي ذَلِكَ غِرَّةٌ قِيمَتُهَا خَمْسٌ مِنَ الْإِبِلِ، وَهِيَ دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ (وَتَحْمِلُ جِنَايَةَ الْخَطَأِ عَلَى الْحُرِّ إِذَا بَلَغَتِ الثُّلْثَ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِي تَقْيِيدِهِ بِالْخَطَأِ وَالْحُرِّ وَبُلُوغِ الثُّلْثِ احْتِرَازٌ عَنِ: الْعَمْدِ، وَالْعَبْدِ، وَمَا دُونَ الثُّلْثِ.

[لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ شِبْهَ الْعَمْدِ]

(وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَلَا تَحْمِلُ شِبْهَ الْعَمْدِ) هَذَا رِوَايَةٌ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حَمْدَانَ، وَقَالَهُ ابْنُ شُبْرُمَةَ، وَالزُّهْرِيُّ، وَقَتَادَةُ، لِأَنَّهَا مُوجَبُ فِعْلٍ قَصَدَهُ، فَلَمْ تَحْمِلْهُ الْعَاقِلَةُ كَالْعَمْدِ الْمَحْضِ، وَهِيَ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ، أَشْبَهَتْ دِيَةَ الْعَمْدِ (وَيَكُونُ فِي مَالِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلَا نَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>