للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهَا، كَالْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ وَالْأَثَاثِ وَالسِّلَاحِ، وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ، وَيَصِحُّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَرُدَّ بِالْفَرْقِ. قَوْلُهُ: " فِي عَيْنٍ " يُحْتَرَزُ بِهِ عَنِ الْمُوصَى بِمَنْفَعَتِهِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُهُ مِنْ مَالِكِ الْمَنْفَعَةِ. قَوْلُهُ: " يَجُوزُ بَيْعُهَا " يُحْتَرَزُ بِهِ عَنِ الْحُرِّ، فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَقِفَ نَفْسَهُ، وَأَرْضَ السَّوَادِ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: الْقَطَائِعُ تَرْجِعُ إِلَى الْأَصْلِ إِذَا جَعَلَهَا لِلْمَسَاكِينِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ وَقْفُهَا، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ وَقْفٌ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ وَقْفَهَا يُطَابِقُ الْأَصْلَ لَا أَنَّهَا تَصِيرُ وَقْفًا بِهَذَا الْقَوْلِ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ "، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ وَقْفُ الْمُصْحَفِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، قَالَهُ فِي " الْوَسِيلَةِ "، وَالْمَاءِ. قَالَ الْفَضْلُ: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ وَقْفِ الْمَاءِ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ شَيْئًا اسْتَجَازُوهُ بَيْنَهُمْ جَازَ، وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى وَقْفِ مَكَانِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ وَقَفَ مَكَانِ الْمَاءِ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَى اسْتِجَازَتِهِمْ لَهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ النَّصَّ شَاهِدٌ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ لِنَفْسِ الْمَاءِ. قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَهُوَ مُشْكِلٌ مِنْ وَجْهَيْنِ، أَحَدُهُمَا: إِثْبَاتُ الْوَقْفِ فِيمَا لَمْ يَمْلِكْهُ، فَإِنَّ الْمَاءَ يَتَجَدَّدُ شَيْئًا فَشَيْئًا.

[الشَّرْطُ الثَّانِي ذَهَابُ الْعَيْنِ بِالِانْتِفَاعِ]

وَالثَّانِي: ذَهَابُ الْعَيْنِ بِالِانْتِفَاعِ، وَالْوَقْفُ يَسْتَدْعِي بَقَاءَ أَصْلٍ يُنْتَفَعُ بِهِ عَلَى مَمَرِّ الزَّمَانِ، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: مَادَّةُ الْحُصُولِ مِنْ غَيْرِ تَأْثِيرٍ بِالِانْتِفَاعِ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ بَقَاءِ الْعَيْنِ مَعَ الِانْتِفَاعِ، وَتَأْتِي تَتِمَّةُ ذَلِكَ (وَيَصِحُّ وَقْفُ الْمُشَاعِ) فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ؛ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ عُمَرَ قَالَ: «إِنَّ الْمِائَةَ سَهْمٍ الَّتِي بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ أَعْجَبُ إِلَيَّ مِنْهَا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " احْبِسْ أَصْلَهَا وَسَبِّلْ ثَمَرَتَهَا» . رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ يَجُوزُ عَلَى بَعْضِ الْجُمْلَةِ مُفْرَزًا، فَجَازَ عَلَيْهِ مُشَاعًا كَالْبَيْعِ، وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَقُولَ كَذَا سَهْمًا مِنْ كَذَا سَهْما، قَالَهُ أَحْمَدُ. قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": ثُمَّ يُتَوَجَّهُ أَنَّ الْمُشَاعَ لَوْ وُقِفَ مَسْجِدًا أُثْبِتَ حُكْمُ الْمَسْجِدِ فِي الْحَالِ، فَيُمْنَعُ مِنْهُ الْجُنُبُ، ثُمَّ الْقِسْمَةُ مُتَعَيَّنَةٌ هُنَا كَتَعْيِينِهَا طَرِيقًا لِلِانْتِفَاعِ بِالْمَوْقُوفِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى " لَوْ وَقَفَ نِصْفَ عَبْدِهِ صَحَّ وَلَمْ يَسِرْ إِلَى بَقِيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ أَعْتَقَ مَا وَقَفَهُ مِنْهُ أَوْ أَعْتَقَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَمْ يَصِحَّ وَلَمْ يَسِرْ، وَإِنْ أَعْتَقَ الْوَاقِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>