الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ إِلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ
وَإِذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا لَمْ تَخْلُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهَا لَهُ، لَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِيهَا، إِذَا لَمْ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى رِجَالٌ دِمَاءَ قَوْمٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْيَمِينُ تَخْتَصُّ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَّا فِي الْقَسَامَةِ وَدَعَاوَى الْأُمَنَاءِ الْمَقْبُولَةِ، وَحَيْثُ يَحْكُمُ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوْ نَقُولُ بِرَدِّهَا، وَالْبَيِّنَاتُ: جَمْعُ بَيِّنَةٍ، مِنْ بَانَ يَبِينُ فَهُوَ بَيِّنٌ، وَالْأُنْثَى: بَيِّنَةٌ، أَيْ: وَاضِحَةٌ، وَهُوَ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ، أَيِ: الدَّلَالَةُ الْبَيِّنَةُ، (الْمُدَّعِي: مَنْ إِذَا سَكَتَ تَرَكَ، وَالْمُنْكِرُ: مَنْ إِذَا سَكَتَ لَمْ يَتْرُكْ) ذَكَرَهُ فِي الْمُحَرَّرِ وَالْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْفُرُوعِ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ طَالِبٌ وَالْمُنْكِرَ مَطْلُوبٌ؛ أَيْ: مُطَالَبٌ بِالْحَقِّ، وَقِيلَ: الْمُدَّعِي مَنْ يَطْلُبُ خِلَافَ الظَّاهِرِ أَوِ الْأَصْلِ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَكْسُهُ. / ٥٠ وَيَنْبَنِي عَلَى ذَلِكَ لَوْ قَالَ: أَسْلَمْنَا مَعًا، فَالنِّكَاحُ بَاقٍ، وَادَّعَتِ التَّعَاقُبَ، فَالْمُدَّعِي هِيَ، وَعَلَى الثَّانِي هُوَ، وَقَدْ يَكُونُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُدَّعِيًا وَمُدَّعًى عَلَيْهِ بِاعْتِبَارَيْنِ، وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى مَقْلُوبَةٌ وَسَمِعَهَا بَعْضُهُمْ وَاسْتَنْبَطَهَا، فَذَكَرُوا فِي الشُّفْعَةِ إِذَا أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ أَوْ أَقَامَ الشَّفِيعُ بَيِّنَةً، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ قَبْضِ الثَّمَنِ، ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: يَبْقَى فِي يَدِ الشَّفِيعِ.
الثَّانِي: فِي يَدِ الْحَاكِمِ.
الثَّالِثُ: ـ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ـ يَلْزَمُ الشَّفِيعَ بِقَبْضِهِ، أَوْ يبرئ مِنْهُ.
وَفِي السَّلَمِ إِذَا جَاءَهُ بِالسَّلَمِ قَبْلَ مَحِلِّهِ لَزِمَهُ قَبْضُهُ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي قَبْضِهِ ضَرَرٌ، فَحَيْثُ لَزِمَهُ الْقَبْضُ إِنَّ دَعْوَاهُ تُسْمَعُ، وَيَلْزَمُ رَبُّ الدَّيْنِ بِقَبْضِهِ.
[مَنْ تَصِحُّ مِنْهُ الدَّعْوَى]
(وَلَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ إِلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ) لِأَنَّ مَنْ لَا يَصِحُّ تَصَرُّفُهُ لَا قَوْلَ لَهُ يُعْتَمَدُ، وَتَصِحُّ عَلَى السَّفِيهِ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ إِذْنٌ، وَبَعْدَ فَكِّ حَجْرِهِ، وَيَحْلِفُ إِذَا أَنْكَرَ.
[أَحْوَالُ الْعَيْنِ الْمَدَّعَاةِ]
[أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا]
(وَإِذَا تَدَاعَيَا عَيْنًا لَمْ تَخْلُ مِنْ أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا، فَهِيَ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهَا لَهُ، لَا حَقَّ لِلْآخَرِ فِيهَا، إِذَا لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) «لِقَضَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute