للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْأَلَهَا، أَوْ آيَةُ عَذَابٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْهَا، وَعَنْهُ: يُكْرَهُ فِي الْفَرْضِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ وَالْقِرَاءَةُ مِنْهُ في الصلاة]

(وَيَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ فِي الْمُصْحَفِ) وَالْقِرَاءَةُ مِنْهُ فِيهَا، جَزَمَ بِهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ، لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ: أَنَّ عَائِشَةَ كَانَ يَؤُمُّهَا عَبْدٌ لَهَا فِي الْمُصْحَفِ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ خِيَارُنَا يَقْرَءُونَ فِي الْمَصَاحِفِ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَمَلٍ كَثِيرٍ، وَالْفَرْضُ وَالنَّفْلُ سَوَاءٌ، قَالَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ فِي النَّفْلِ، وَحُمِلَ فِي " الشَّرْحِ " كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: لِغَيْرِ الْحَافِظِ، وَعَنْهُ: يَبْطُلُ فَرْضٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَهَانَا أَنْ نَؤُمَّ مِنَ الْمَصَاحِفِ. رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَقِيلَ: وَنَفْلٌ أَيْضًا، لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ فِي فَرْضِ الْقِرَاءَةِ عَلَى غَيْرِهِ كَاعْتِمَادِهِ بِحَبْلٍ فِي قِيَامِهِ (وَإِذَا مَرَّتْ بِهِ آيَةُ رَحْمَةٍ أَنْ يَسْأَلَهَا) أَيْ: يَسْأَلَ الرَّحْمَةَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَآيَةُ عَذَابٍ أَنْ يَسْتَعِيذَ مِنْهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، لِمَا رَوَى حُذَيْفَةُ قَالَ: «صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ (الْبَقَرَةَ) فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى إِلَى أَنْ قَالَ: إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ» مُخْتَصَرٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَلِأَنَّهُ دُعَاءٌ، وَخَيْرٌ، وَعَنْهُ: يُسْتَحَبُّ، قَالَهُ الْقَاضِي، وَغَيْرُهُ، وَظَاهِرُهُ لِكُلِّ مُصَلٍّ، وَسَبَقَ إِذَا تَلَى آيَةً فِيهَا ذِكْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَعَنْهُ: يُكْرَهُ فِي الْفَرْضِ) لِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي النَّفْلِ فَيَقْتَصِرُ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ: يَفْعَلُهُ إِنْ صَلَّى وَحْدَهُ، وَنَقَلَ الْفَضْلُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَهُ مَأْمُومٌ، وَيَخْفِضَ صَوْتَهُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الدِّينَوَرِيُّ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: مَعْنَى ذَلِكَ تَكْرَارُ الْآيَةِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، قَالَ أَحْمَدُ: إِذَا قَرَأَ {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة: ٤٠] فِي صَلَاةٍ، وَغَيْرِهَا قَالَ: سُبْحَانَكَ قِيلَ: فِي فَرْضٍ وَنَفْلٍ، وَمَنَعَ مِنْهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِيهِمَا.

فَائِدَةٌ: سُئِلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ الْقِرَاءَةِ بِمَا فِيهِ دُعَاءٌ هَلْ يَحْصُلَانِ لَهُ؛ فَتَوَقَّفَ، وَيَتَوَجَّهُ الْحُصُولُ، لِخَبَرِ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ خَتَمَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ بِآيَتَيْنِ أَعْطَانِيهِمَا مِنْ كَنْزِهِ الَّذِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَعَلَّمُوهُنَّ، وَعَلِّمُوهُنَّ نِسَاءَكُمْ، فَإِنَّهَا صَلَاةٌ، وَقُرْآنٌ، وَدُعَاءٌ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>