للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابٌ قِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ وَهُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ، وَلَهُمْ مَنَعَةٌ وَشَوْكَةٌ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

[بَابٌ قِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ] [تَعْرِيفُ أَهْلِ الْبَغْيِ]

ِ الْبَغْيُ: مَصْدَرُ بَغَى يَبْغِي بَغْيًا، إِذَا اعْتَدَى، وَالْمُرَادُ هُنَا: الظَّلَمَةُ الْخَارِجُونَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ، الْمُعْتَدُونَ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: ٩] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات: ١٠] .

وَفِيهَا فَوَائِدُ: مِنْهَا أَنَّهُمْ لَمْ يَخْرُجُوا بِالْبَغْيِ عَنِ الْإِيمَانِ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ أَوْجَبَ قِتَالَهُمْ، وَمِنْهَا: أَنَّهُ أَسْقَطَ قِتَالَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَمِنْهَا: أَنَّهُ أَسْقَطَ عَنْهُمُ التَّبِعَةَ فِيمَا أَتْلَفُوهُ فِي قِتَالِهِمْ، وَمِنْهَا: أَنَّهَا أَجَازَتْ قِتَالَ كُلِّ مَنْ مَنَعَ حَقًّا عَلَيْهِ، وَالْأَحَادِيثُ مَشْهُورَةٌ، مِنْهَا مَا رَوَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَأَجْمَعَ الصَّحَابَةُ عَلَى قِتَالِهِمْ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ قَاتَلَ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَعَلِيًّا قَاتَلَ أَهْلَ الْجَمَلِ وَأَهْلَ صِفِّينَ (وَهُمُ الْقَوْمُ الَّذِينَ يَخْرُجُونَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ) الْعَادِلِ، ذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " (بِتَأْوِيلٍ سَائِغٍ) سَوَاءٌ كَانَ صَوَابًا أَوْ خَطَأً، وَقِيلَ: بَلْ خَطَأٌ فَقَطْ، ذَكَرَهُ فِي " الرِّعَايَةِ " (وَلَهُمْ مَنَعَةٌ وَشَوْكَةٌ) لَا جَمْعٌ يَسِيرٌ، خِلَافًا لِأَبِي بَكْرٍ، فَإِنْ فَاتَ شَرْطٌ فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ، فَعَلَى هَذَا لَوِ امْتَنَعَ قَوْمٌ مِنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَخَرَجُوا عَنْ قَبْضَتِهِ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ، أَوْ كَانَ لَهُمْ تَأْوِيلٌ وَلَا مَنَعَةَ لَهُمْ كَالْعَشَرَةِ، فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ، وَفِي " التَّرْغِيبِ ": لَا تَتِمُّ الشَّوْكَةُ إِلَّا وَفِيهِمْ وَاحِدٌ مُطَاعٌ، وَأَنَّهُ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُمْ فِي طَرَفِ وِلَايَتِهِ، وَفِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ ": تَدْعُو إِلَى نَفْسِهَا، أَوْ إِلَى إِمَامٍ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ.

أَصْلٌ: مَنْ كَفَّرَ أَهْلَ الْحَقِّ وَالصَّحَابَةَ، وَاسْتَحَلَّ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ بُغَاةٌ فِي قَوْلِ الْجَمَاهِيرِ تَتَعَيَّنُ اسْتِتَابَتُهُمْ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا عَلَى إِفْسَادِهِمْ، لَا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَقَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُحْدَثِينَ: هُمْ كُفَّارٌ، حُكْمُهُمْ حُكْمُ الْمُرْتَدِّينَ، لِلْأَخْبَارِ، وَهَذَا رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، ذَكَرَ فِي " التَّرْغِيبِ " وَ " الرِّعَايَةِ ": أَنَّهَا أَشْهَرُ، وَذَكَرَ ابْنُ حَامِدٍ: أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>