فَصْلٌ وَإِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا، قُبِلَ قَوْلُهَا إِذَا كَانَ مُمْكِنًا، إِلَّا أَنْ تَدْعِيهِ بِالْحَيْضِ فِي شَهْرٍ، فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَوْ أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ، وَأَقَلُّ مَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِهِ مِنَ الْإقْرَاءِ: تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ، إِذَا قُلْنَا: الْإقْرَاءُ: الْحيضُ، وَأَقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَإِنْ قُلْنَا: الطُّهْرُ خَمْسَةَ عَشَرَ، فَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[إِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ انْقِضَاءَ عَدَّتِهَا]
فَصْلٌ (وَإِذَا ادَّعَتِ الْمَرْأَةُ انْقِضَاءَ عِدَّتِهَا) بِوِلَادَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا (قُبِلَ قَوْلُهَا إِذَا كَانَ مُمْكِنًا) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] أَيْ: مِنَ الْحَمْلِ، وَالْحَيْضِ، فَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهُنَّ مَقْبُولٌ، لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهِنَّ كِتْمَانُهُ؛ وَلِأَنَّهُ أَمْرٌ يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهَا فِيهِ كَالنِّيَّةِ، أَوْ أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ جِهَتِهَا، فَقُبِلَ قَوْلُهَا فِيهِ، كَمَا يَجِبُ عَلَى التَّابِعِيِّ قَبُولُ خَبَرِ الصَّحَابِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إِلَّا أَنْ تَدْعِيهِ بِالْحَيْضِ فِي شَهْرٍ، فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَلَوْ أَنَّهُ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِ شُرَيْحٍ: إِذَا ادَّعَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فِي شَهْرٍ، وَجَاءَتْ بِبَيِّنَةٍ، فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، وَإِلَّا فَهِيَ كَاذِبَةٌ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: قَالُونْ، وَمَعْنَاهُ بِلِسَانِ الرُّومِيَّةِ: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ. وَلِأَنَّهُ يَنْدُرُ جِدًّا حُصُولُ ذَلِكَ فِي شَهْرٍ، فَيُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ، بِخِلَافِ مَا زَادَ عَلَى الشَّهْرِ، وَكَخِلَافِ عَادَةٍ مُنْتَظِمَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ: يُقْبَلُ قَوْلُهَا مُطْلَقًا، وَاخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ، كَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا، ذَكَرَهُ فِي " الْوَاضِحِ " و" الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ "، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمَةِ وَالْفَاسِقَةِ وَضِدِّهِمَا.
فَرْعٌ: إِذَا قَالَتِ: انْقَضَتْ عِدَّتِي، ثُمَّ قَالَ: مَا انْقَضَتْ، فَلَهُ رَجْعَتُهَا، وَلَوْ قَالَ: أَخْبَرَتْنِي بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، ثُمَّ رَاجَعْتُهَا، ثُمَّ أَقَرَّتْ بِكَذِبِهَا بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَأَنْكَرَتْ ذَلِكَ، وَادَّعَتْ أَنَّ عِدَّتَهَا لَمْ تَنْقَضِ - فَالرَّجْعَةُ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، وَإِنَّمَا أَخْبَرَتْ بِهِ، وَقَدْ رَجَعَتْ عَنْهُ.
١ -
(وَأَقَلُّ مَا يُمْكِنُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ بِهِ) أَيْ: عِدَّةُ الْحُرَّةِ (مِنَ الْأَقْرَاءِ: تِسْعَةٌ وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ، إِذَا قُلْنَا: الْإقْرَاءُ: الْحيضُ، وَأَقَلُّ الطُّهْرِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا) وَذَلِكَ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا مَعَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute