فَصْلٌ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَالًا، وَهُوَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَدُودِ الْقَزِّ وَبِزْره وَالنَّحْلِ مُنْفَرِدًا، وَفِي كِوَارَاتِهِ وَيَجُوزُ بَيْعُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
[الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَالًا]
فَصْلٌ (الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ مَالًا) لِأَنَّهُ يُقَابِلُ بِالْمَالِ إِذْ هُوَ مُبَادَلَةُ الْمَالِ بِالْمَالِ (وَهُوَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ) أُخْرِجَ بِالْأَوَّلِ: مَا لَا نَفْعَ فِيهِ كَالْحَشَرَاتِ، وَبِالثَّانِي: مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَالْخَمْرِ، وَبِالثَّالِثِ: مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ مُبَاحَةٌ لِلضَّرُورَةِ كَالْكَلْبِ، وَلَوْ عَبَّرَ: بِغَيْرِ حَاجَةٍ كَـ " الْوَجِيزِ " وَ " الْفُرُوعِ " لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ اقْتِنَاءَ الْكَلْبِ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَلَا يُضْطَرُّ إِلَيْهِ. قَالَهُ ابْنُ الْمُنَجَّا وَفِي " الشَّرْحِ " يَحْتَرِزُ بِقَوْلِهِ: لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ مِنَ الْمَيْتَةِ وَالْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي تُبَاحُ فِي حَالِ الْمَخْمَصَةِ، وَالْخَمْرُ تُبَاحُ لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غُصَّ بِهَا (فَيَجُوزُ بَيْعُ) الْعَقَارِ (وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ) لِأَنَّ النَّاسَ يَتَبَايَعُونَ ذَلِكَ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ، فَكَانَ كَالْإِجْمَاعِ قَالَ فِي " الْهِدَايَةِ ": لَا إِنْ نَجِسَا، وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ (وَدُودِ الْقَزِّ) لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لِغَرَضِ التَّمَلُّكِ لِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ، أَشْبَهَ الْبَهَائِمَ، وَحَرَّمَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " كَالْحَشَرَاتِ وَفِيهِ نَظَرٌ (وَبِزْره) لِأَنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْمَآلِ أَشْبَهَ وَلَدَ الْفَرَسِ وَفِيهِ وَجْهٌ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " عُيُونِ الْمَسَائِلِ " كَبَيْضِ مَا لَا يُؤْكَلُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا فَرْقَ فِي بَيْعِهِ مُفْرَدًا أَوْ مَعَ الدُّودِ (وَالنَّحْلِ مُنْفَرِدًا) لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهِ شَرَابٌ فِيهِ مَنَافِعُ لِلنَّاسِ، فَجَازَ بَيْعُهُ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ (وَفِي كِوَارَاتِهِ) لِإِمْكَانِ مُشَاهَدَتِهِ بِفَتْحِ رَأْسِهَا، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا فِيهَا؛ لِأَنَّ بَعْضَهَا غَيْرُ مَرْئِيٍّ، وَهُوَ أَمِيرُهَا، وَأَنَّهَا لَا تَخْلُو مِنْ عَسَلٍ يَكُونُ مَبِيعًا، وَهُوَ مَجْهُولٌ، وَالْأَوَّلُ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّ خَفَاءَ الْبَعْضِ لَا يَمْنَعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute