جَوَازِه سَوَاءٌ كَانَ فِي حَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ.
وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: مَا لِي بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ فَيُعْلِمُهُ أَنَّ لَهُ الْيَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ. وَإِنْ سَأَلَ إِحْلَافَهُ أَحْلَفَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ. وَإِنْ أَحْلَفَهُ أَوْ حَلَفَ هُوَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالِ الْمُدَّعِي لَمْ يُعْتَدَّ بِيَمِينِهِ وَإِنْ نَكَلَ قَضَى عَلَيْهِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
كَانَ فِي حَدٍّ أَوْ غَيْرِهِ) وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَالْمُزْنِيُّ، لِحَدِيثِ هِنْدَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ عَلَيْهِ فَجَازَ الْحُكْمُ بِهِ، كَالْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَكَمَا لَوْ قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ.
وَعَنْ أَحْمَدَ: يَجُوزُ ذَلِكَ إِلَّا فِي الْحُدُودِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: لَا اخْتِلَافَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ بِعِلْمِهِ فِي الْحُدُودِ. وَهَلْ يَحْكُمُ بِهِ فِي غَيْرِهِ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ نَقَلَ حَنْبَلٌ: إِذَا رَآهُ عَلَى حَدٍّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُقِيمَهُ إِلَّا بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ شَهَادَةُ رَجُلٍ. وَنَقَلَ أَيْضًا: أَنَّهُمَا يَذْهَبَانِ إِلَى حَاكِمٍ آخَرَ. وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ.
وَأَجَابَ فِي الشَّرْحِ عَنْ حَدِيثِ هِنْدَ: أَنَّهُ فُتْيَا لَا حُكْمٌ، بِدَلِيلِ عَدَمِ حُضُورِ أَبِي سُفْيَانَ، وَلَوْ كَانَ حُكْمًا لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ، وَيُفَارِقُ الْحُكْمَ بِالشَّهَادَةِ، فَإِنَّهُ لَا يُفْضِي إِلَى تُهْمَةٍ، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا. وَأَمَّا الْجَرْحُ وَالتَّعْدِيلُ: فَإِنَّهُ يَحْكُمُ فِيهِ بِعِلْمِهِ بِغَيْرِ خِلَافٍ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْكُمْ بِعِلْمِهِ لَتَسَلْسَلَ، وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبُولُ شَهَادَةِ مَنْ يُعْلَمُ فِسْقُهُ، وَلِأَنَّ التُّهْمَةَ لَا تَلْحَقُهُ فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّ صِفَاتِ الشُّهُودِ مَعْنًى ظَاهِرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي وَجَمَاعَةٌ: لَيْسَ هَذَا بِحُكْمٍ ; لِأَنَّهُ يَعْدِلُ هُوَ وَيَجْرَحُ غَيْرُهُ، وَيَجْرَحُ هُوَ وَيَعْدِلُ غَيْرُهُ، وَلَوْ كَانَ حُكْمًا لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ نَقْضُهُ.
وَعَلَى الْمَنْعِ: هَلْ عِلْمُهُ كَشَاهِدٍ؛ فِيهِ وَجْهَانِ.
[إِنْ قَالَ الْمُدَّعِي مَا لِي بَيِّنَةٌ]
(وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعِي: مَا لِي بَيِّنَةٌ. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ مَعَ يَمِينِهِ) لِلْخَبَرِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ. (فَيُعْلِمُهُ أَنَّ لَهُ الْيَمِينَ عَلَى خَصْمِهِ) لِأَنَّهُ مَوْضِعُ حَاجَةٍ. (وَإِنْ سَأَلَ إِحْلَافَهُ أَحْلَفَهُ) لِأَنَّ الْيَمِينَ طَرِيقٌ إِلَى تَخْلِيصِ حَقِّهِ. يَلْزَمُ الْحَاكِمَ إِجَابَةُ الْمُدَّعِي كَسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ، وَتَكُونُ عَلَى صِفَةِ جَوَابِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَنْهُ: بِصِفَةِ الدَّعْوَى. وَعَنْهُ: يَكْفِي تَحْلِيفُهُ: لَا حَقَّ لَكَ عَلَيَّ، فَإِذَا أَحْلَفَهُ (خَلَّى سَبِيلَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَتَوَجَّهْ عَلَيْهِ حَقٌّ. وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ اسْتِحْلَافُهُ قَبْلَ سُؤَالِهِ ; لِأَنَّ الْيَمِينَ حَقٌّ لَهُ، كَنَفْسِ الْحَقِّ. وَيَمِينُ الْمُنْكِرِ عَلَى الْفَوْرِ، وَلَهُ تَحْلِيفُهُ مَعَ عِلْمِهِ قُدْرَتَهُ عَلَى حَقِّهِ نَصَّ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute