للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ الْكِتَابَةِ وَهِيَ بَيْعُ الْعَبْدِ نَفْسَهُ بِمَالٍ فِي ذِمَّتِهِ، وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ لِمَنْ يَعْلَمُ فِيهِ خَيْرًا، وَهُوَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

إِحْدَاهُمَا، وَجَزَمَ بِهَا فِي الْوَجِيزِ: أَنَّهُ يُحْكَمُ بِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ; لِأَنَّ الْغَرَضَ إِثْبَاتُ الْحَرِيَّةِ، وَتَكْمِيلُ الْأَحْكَامِ، فَلَا يَثْبَتُ ذَلِكَ إِلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ، كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ.

(وَإِذَا قَتَلَ الْمُدَبَّرُ سَيِّدَهُ بَطَلَ تَدْبِيرُهُ) لِأَنَّهُ قَصَدَ اسْتِعْجَالَ الْعِتْقِ بِالْقَتْلِ الْمُحَرَّمِ، فَعُوقِبَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ، كَمَنْعِ الْمِيرَاثِ بِقَتْلِ الْمُوِّرِثِ، وَلِأَنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ، فَيَبْطُلُ بِالْقَتْلِ كَالْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ، وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا عِتْقُ أُمِّ الْوَلَدِ لِكَوْنِهَا آكَدُ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً، كَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَ حِرْمَانِ الْإِرْثِ وَإِبْطَالِ وَصِيَّةِ الْقَاتِلِ، وَإِنْ قِيلَ: لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَوْتِ، فَالتَّدْبِيرُ أَوْلَى نَظَرًا لِلْعِتْقِ.

فَرْعٌ: إِذَا جَنَى الْمُدَبَّرُ، لَمْ يَبْطُلْ تَدْبِيرُهُ، وَيُبَاعُ فِي الْجِنَايَةِ، وَسَيِّدُهُ بِالْخِيَارِ، وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزْ بَيْعَهُ أَوْجَبَ فِدَاءَهُ عَلَى سَيِّدِهِ، كَأُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ قَبْلَ بَيْعِهِ، عَتَقَ وَأَرْشُ جِنَايَتِهِ فِي تَركة سَيِّدَهُ، وَإِنْ فَدَاهُ سَيِّدُهُ، بَقِيَ تَدْبِيرُهُ، وَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ بِهَا، فَبَاقِيهِ مُدَبَّرٌ، وَإِنْ جَنَى عَلَى الْمُدَبِّرِ، فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى نَفْسِهِ، وَجَبَتْ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِهِ، وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِهَلَاكِهِ، لَا يُقَالُ: قِيمَتُهُ قَائِمَةٌ مَقَامَهُ كَالْعَبْدِ الْمَرْهُونِ وَالْمَوْقُوفِ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَازِمٌ، فَتَعَلَّقَ الْحَقُّ بِبَدَلِهِ وَالتَّدْبِيرُ غَيْرُ لَازِمٍ ; لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ إِبْطَالُهُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، فَلَمْ يَتَعَلَّقِ الْحَقُّ بِبَدَلِهِ.

[بَابُ الْكِتَابَةِ]

سُمِّيَتْ بِهِ ; لِأَنَّ السَّيِّدَ يَكْتُبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ كِتَابًا بِمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِهِ مِنَ الْكَتْبِ، وَهُوَ الضَّمُّ ; لِأَنَّ الْمُكَاتِبَ يَضُمُّ بَعْضَ النُّجُومِ إِلَى بَعْضٍ، وَمِنْهُ سُمِّي الْحِرْزُ كَتْبًا، وَالْكَتِيبَةُ كَتِيبَةً ; لِانْضِمَامِ بَعْضِهَا إِلَى بَعْضٍ. وَهُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ: عِتْقٌ عَلَى مَالٍ مُنَجَّمٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>