فَصْلٌ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً، فَلَهُ الْخِيَارُ، وَإِنْ شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَهُ الْخِيَارُ، كَمَا إِذَا شَرَطَهَا أَمَةً فَبَانَتْ حُرَّةً، فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَإِنْ شَرَطَهَا بِكْرًا، أَوْ جَمِيلَةً، أَوْ نَسِيبَةً، أَوْ شَرَطَ نَفْيَ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا يَنْفَسِخُ بِهَا النِّكَاحُ، فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ - فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
وَإِنْ تَزَوَّجَ أَمَةً
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
" الْفُرُوعِ " إِحْدَاهُمَا: يَصِحُّ الْعَقْدُ، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ "، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَ الْجَهْلِ، أَشْبَهَ الْعِتْقَ، وَالثَّانِيَةُ: لَا ; لِأَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ثابتا لَازِمًا، فَنَافَاهُ الشَّرْطُ وَأَبْطَلَهُ، وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ مَنْصُورٍ صِحَّتَهَا، وَبَعْدَهَا الْقَاضِي، وَاخْتَارَ الصِّحَّةَ فِيهِمَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْطِ الْخِيَارِ، وَقَالَ: وَإِنْ بَطَلَ لَمْ يَلْزَمِ الْعَقْدُ بِدُونِهِ، وَشَرْطُ الْخِيَارِ فِي الْمَهْرِ كَذَا، وَقِيلَ: يَصِحُّ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ، وَإِنَّ طَلَّقَ بِشَرْطِ خِيَارٍ وَقَعَ.
[إِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً]
فَصْلٌ (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنَّهَا مُسْلِمَةٌ فَبَانَتْ كِتَابِيَّةً، فَلَهُ الْخِيَارُ) أَيْ: خِيَارُ الْفَسْخِ ; لِأَنَّهُ نَقْصٌ، وَضَرَرُهُ يَتَعَدَّى إِلَى الْوَلَدِ (وَإِنْ شَرَطَهَا كِتَابِيَّةً) أَوْ ظَنَّهَا مُسْلِمَةً وَلَمْ تُعْرَفْ بِتَقَدُّمِ كُفْرٍ (فَبَانَتْ مُسْلِمَةً، فَلَا خِيَارَ لَهُ) ; لِأَنَّهُ زَادَهُ خَيْرًا (وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَهُ الْخِيَارُ) ; لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ غَرَضٌ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْعِبَادَاتِ عَلَيْهَا، وَفِي " الشَّرْحِ ": إِذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً يَظُنُّهَا مُسْلِمَةً، فَبَانَتْ كَافِرَةً، فَلَهُ الْخِيَارُ (كَمَا إِذَا شَرَطَهَا أَمَةً) وَكَانَ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ (فَبَانَتْ حُرَّةً، فَلَا خِيَارَ لَهُ) ; لِأَنَّ وَلَدَهُ يَسْلَمُ مِنَ الرِّقِّ، وَيَتَمَكَّنُ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، وَكَذَا إِذَا شَرَطَهَا ذَاتَ نَسَبٍ، فَبَانَتْ أَشْرَفَ مِنْهُ أَوْ عَلَى صِفَةٍ دَنِيئَةٍ، فَبَانَتْ خَيْرًا مِنْ شَرْطِهَا (وَإِنْ شَرَطَهَا بِكْرًا، أَوْ جَمِيلَةً، أَوْ نَسِيبَةً، أَوْ شَرَطَ نَفْيَ الْعُيُوبِ الَّتِي لَا يُفْسَخُ بِهَا النِّكَاحُ) كَالْعَمَى وَالشَّلَلِ (فَبَانَتْ بِخِلَافِهِ، فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، أَطْلَقَهُمَا فِي " الْفُرُوعِ " إِحْدَاهُمَا: لَا خِيَارَ لَهُ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " ; لِأَنَّ النِّكَاحَ لَا يُرَدُّ لَهُ بِعَيْبٍ سِوَى الْعُيُوبِ السَّبْعَةِ، فَلَا يُرَدُّ بِمُخَالَفَةِ الشَّرْطِ كَمَا لَوْ شَرَطَتْ ذَلِكَ فِي الرَّجُلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute