للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَى كَافِرٍ وَلَا عَبْدٍ وَلَا فَقِيرَةٍ لَهَا زَوْجٌ غَنِيٌّ، وَلَا إِلَى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كَوَفَاءِ الْغَرِيمِ، وَقَيَّدَهُ فِي " الْوَجِيزِ " وَغَيْرِهِ بِأَنْ لَا يَكُونَ حِيلَةً.

وَنَقَلَ حَنْبَلٌ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ سُفْيَانُ: لَا تُعْطِ مُكَاتَبًا لَكَ مِنَ الزَّكَاةِ، وَأَنَا أَرَى مِثْلَهُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي.

قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّهِ بِمَالِهِ أَشَدُّ مِنْ تَعَلُّقِ حَقِّ الْوَالِدِ بِمَالِ الْوَلَدِ، (وَإِلَى غَرِيمِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْغَارِمِينَ، وَسَوَاءٌ دَفَعَهَا إِلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوِ اسْتَوْفَى حَقَّهُ، ثُمَّ دَفَعَ إِلَيْهِ لِيَقْضِيَ بِهِ دَيْنَ الْمُقْرِضِ، نَصَّ عَلَى ذَلِكَ.

وَقَالَ: إِنْ كَانَ حِيلَةً فَلَا يُعْجِبُنِي، وَنَقَلَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِنْ أَرَادَ الْحِيلَةَ لَمْ يَصِحَّ وَلَا يَجُوزُ، وَبِهِ جَزَمَ فِي " الْوَجِيزِ " وَذَكَرَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحِيلَةِ أَنْ يُعْطِيَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ مِنْ ذِمَّتِهِ فَلَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِهَا تَمْلِيكًا صَحِيحًا؛ وَهُوَ مُنْتَفٍ مَعَ الشَّرْطِ، وَفِي " الْمُغْنِي "، وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهُ حَصَلَ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ إِذَا قَصَدَ بِالدَّفْعِ إِحْيَاءَ مَالِهِ وَاسْتِيفَاءَ دَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ اللَّهِ، فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إِلَى نَفْعِهِ.

[الْأَصْنَافُ الَّتِي لَا تَأْخُذُ مِنَ الزَّكَاةِ]

فَصْلٌ

(وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَى كَافِرٍ) إِجْمَاعًا، وَحَدِيثُ مُعَاذٍ نَصٌّ فِيهِ؛ وَلِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَلَمْ تَجِبْ لِلْكَافِرِ كَالنَّفَقَةِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ إِذَا كَانَ مُؤَلَّفًا أَوْ عَامِلًا عَلَى رِوَايَةٍ، زَادَ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " أَوْ غَارِمًا لِذَاتِ الْبَيْنِ أَوْ غَارِمًا (وَلَا عَبْدٍ) أَيْ: كَامِلِ الرِّقِّ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى سَيِّدِهِ، فَهُوَ غَنِيٌّ بِغِنَاهُ، وَمَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَا لَا يَمْلِكُهُ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ، فَكَأَنَّهُ دُفِعَ إِلَيْهِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا إِذَا كَانَ عَامِلًا، وَظَاهِرُهُ لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ سَيِّدُهُ فَقِيرًا، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي " تَعْلِيقِهِ " فِي الْعَبْدِ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَكَاتَبَهُ أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ، وَمَا قَبَضَهُ مِنَ الصَّدَقَاتِ فَنِصْفُهُ يُلَاقِي نِصْفَهُ الْمُكَاتَبَ، وَمَا يُلَاقِي نِصْفَ السَّيِّدِ الْآخَرَ إِنْ كَانَ فَقِيرًا، جَازَ فِي حِصَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا لَمْ يَجُزْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>