للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ إِمَاءٌ، فَأَسْلَمْنَ، وَكَانَ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، فَمَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ، فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ، وَإِلَّا فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ، وَإِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً، دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ ; وَلِأَنَّهَا مِنْ أُمَّهَاتِ نِسَائِهِ، فَيَدْخُلُ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} [النساء: ٢٣] ; وَلِأَنَّهَا أُمُّ زَوْجَتِهِ فَتَحْرُمُ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ طَلَّقَ ابْنَتَهَا فِي حَالِ شِرْكِهِ (وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ فَسَدَ نِكَاحُهُمَا) وَحَرُمَتَا عَلَى الْأَبَدِ، حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إِجْمَاعًا، وَالْمَهْرُ لِلْأُمِّ، قَالَهُ فِي " التَّرْغِيبِ " وَغَيْرِهِ.

[إِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ إِمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ]

فَصْلٌ (وَإِنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ إِمَاءٌ فَأَسْلَمْنَ معه، وَكَانَ فِي حَالِ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ فَمَنْ يَحِلُّ لَهُ نِكَاحُ الْإِمَاءِ) أَيْ: يَكُونُ عَادِمًا لِلطَّوْلِ خَائِفًا الْعَنَتَ (فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ) ; لِأَنَّ شُرُوطَ النِّكَاحِ تُعْتَبَرُ فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، أَيْ: فَيَخْتَارُ وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعِفُّهُ فَلَهُ أن يختار مِنْهُنَّ مَنْ تُعِفُّهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَالْأُخْرَى لَا يَخْتَارُ إِلَّا وَاحِدَةً (وَإِلَّا فَسَدَ نِكَاحُهُنَّ) أَيْ: إِذَا لَمْ يُوجَدِ الشَّرْطَانِ فَإِنَّهُ يَفْسَدُ نِكَاحُ الْكُلِّ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ ; لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا حَالَ الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يَمْلِكِ اخْتِيَارَهَا كَالْمُعْتَدَّةِ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِهِنَّ، ثُمَّ أَسْلَمَ، ثُمَّ أَسْلَمْنَ فِي عِدَّتِهِنَّ، فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا يَجُوزُ هُنَا أَنْ يَخْتَارَ، بَلْ تَبِينُ بِمُجَرَّدِ إِسْلَامِهِ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْنَ إِلَّا بَعْدَ الْعِدَّةِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُنَّ وَإِنْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ.

(وَإِنْ أَسْلَمَ وَهُوَ مُوسِرٌ، فَلَمْ يُسْلِمْنَ حَتَّى أَعْسَرَ فَلَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ) ; لِأَنَّ شَرَائِطَ النِّكَاحِ تُعْتَبَرُ فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمَتْ إِحْدَاهُنَّ وَهُوَ مُوسِرٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ الْبَوَاقِي بَعْدَ إِعْسَارِهِ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الِاخْتِيَارُ مِنْهُنَّ ; لِأَنَّ وَقْتَ الِاخْتِيَارِ دَخَلَ بِإِسْلَامِ الْأول، فَلَوْ أَسْلَمَتِ الْأُولَى وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَلَمْ يُسْلِمِ الْبَوَاقِي حَتَّى أَيْسَرَ - لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ مِنَ الْبَوَاقِي ; لِأَنَّ الْأُولَى اجْتَمَعَتْ مَعَهُ فِي حَالٍ يَجُوزُ ابْتِدَاءُ نِكَاحِهَا، وَلَوْ أَسْلَمَ وَأَسْلَمَتْ مَعَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَمْ يَخْتَرْ حَتَّى أَيْسَرَ - كَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ ; لِأَنَّ تَغَيُّرَ حَالِهِ لَا يُسْقِطُ مَا ثَبَتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>